ستة أشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية ضد أستاذين بلّغا عن سرقة علمية بأكادير

ستة أشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية ضد أستاذين بلّغا عن سرقة علمية بأكادير

أصدرت المحكمة الابتدائية بأكادير، أمس الاثنين، حكما يقضي بإدانة أستاذين جامعيين بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية التابعة لجامعة ابن زهر، بستة أشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قدرها خمسة آلاف درهم، إلى جانب تعويض مدني يصل إلى مائة ألف درهم لفائدة زميل لهما، وذلك على خلفية اتهامات مرتبطة بالتبليغ عن سرقة علمية.

وتعود أطوار القضية إلى سنة 2023، حين بادر عدد من أساتذة المدرسة إلى توجيه خمس شكايات متتالية خلال أقل من سنتين إلى إدارة المؤسسة وإلى وزارة التعليم العالي، بخصوص ما اعتبروه اقتباسات غير مشروعة وأبحاث منشورة دون احترام أصول النشر العلمي. غير أن غياب حسم من اللجنة العلمية المختصة دفع بالأستاذ المشتكى به إلى رفع دعوى قضائية مضادة ضد زملائه، متهما إياهم بالتشهير والادعاءات الكاذبة.

وبتاريخ 24 أبريل 2025، تم تسجيل الملف تحت الرقم 5528/2102/2025، لتتم متابعة الأستاذين بمقتضى الفصل 447 مكرر من القانون الجنائي المغربي، الذي يجرّم نشر أو توزيع ادعاءات كاذبة بقصد التشهير أو المس بالشرف.

الحكم الابتدائي اعتبر أن مراسلات وتصريحات الأستاذين تضمنت اتهامات لا ترقى إلى مستوى الإثبات القانوني، وتشكل ضررا معنويا للمشتكي. وبناء عليه، قضت المحكمة بالعقوبة السالبة للحرية موقوفة التنفيذ، والغرامة، والتعويض المدني الكبير.

الأستاذان المدانان، وهما هشام مفتاح وعبد النبي أبناو، اعتبرا الحكم “عقابا” على التبليغ عن الفساد الأكاديمي، مؤكدين أن ما جرى يشكل سابقة خطيرة في الجامعة المغربية. مفتاح كتب على صفحته بـ”فايسبوك” أن “من يبلغ عن سرقة علمية في المغرب يجد نفسه في قفص الاتهام عوض أن يحظى بالحماية”.

الملف أثار ردود فعل واسعة داخل الأوساط الأكاديمية والطلابية، حيث اعتبر كثيرون أن الحكم يبعث برسالة سلبية لكل من يفكر في كشف التجاوزات العلمية أو الإدارية. مراقبون وصفوا ما وقع بأنه “محاكمة للمبلغين بدل محاكمة الفعل الأصلي”، فيما آخرون اعتبروا أن القضية تكشف هشاشة الإطار التشريعي لحماية المبلغين عن الفساد في المغرب.

قانونيا، استندت المحكمة إلى نصوص واضحة في القانون الجنائي، لكن أخلاقيا يطرح الحكم سؤالا عميقا: كيف يمكن تشجيع النزاهة الأكاديمية إذا كان المبلّغ عن سرقة علمية يواجه خطر المتابعة القضائية؟

ورغم أن المغرب صادق على القانون رقم 46.19 المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، والذي ينص على حماية المبلغين عن المخالفات، إلا أن التطبيق العملي ما يزال متعثرا. فالمنصة الإلكترونية المحدثة للتبليغات تبقى آلية تقنية، لكنها لا تضمن وحدها الحماية الفعلية من الانتقام الإداري أو القضائي.

القضية، بهذا المعطى، تضع الجامعة المغربية أمام امتحان صعب: كيف التوفيق بين حماية سمعة المؤسسات الأكاديمية والحفاظ على حرية الأساتذة والباحثين في التبليغ عن التجاوزات، دون أن يتحول المبلّغ إلى متهم؟

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *