زيت الزيتون في المغرب.. تراجع في الإنتاج وارتفاع في الأسعار وعملية الاستيراد لن تحل الأزمة

زيت الزيتون في المغرب.. تراجع في الإنتاج وارتفاع في الأسعار وعملية الاستيراد لن تحل الأزمة

يشهد السوق منذ عدة أشهر ارتفاعا ملحوظا في أسعار الزيتون وزيت الزيتون، في وقت يتراجع فيه الإنتاج الوطني بشكل غير مسبوق، وبين ضعف المحصول من جهة وارتفاع الاستيراد من الخارج من جهة أخرى، يعيش المستهلك حالة من الحيرة، في حين يشتكي الفلاحون من ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض العائدات، وسط محاولات حكومية لإعادة التوازن لهذا القطاع الحيوي.

وفي هذا الصدد، أوضح رشيد بنعلي، رئيس الفيدرالية البيمهنية لإنتاج الزيتون بالمغرب، في تصريح لدوزيم، أن الموسم الفلاحي الحالي عرف تراجعا كبيرا في الإنتاج نتيجة عوامل مناخية متراكمة.

وأكد أن ضعف الإنتاج لم يقتصر على انخفاض الكميات فقط، بل شمل أيضا تراجع جودة المنتوج بسبب الجفاف وموجات الحرارة المتكررة، ما جعل العرض أقل من الطلب بشكل كبير، وبالتالي ارتفعت الأسعار تلقائيا في السوق.

وأشار بنعلي إلى أن الأزمة ليست محلية فقط، بل عالمية، حيث تعاني عدة دول منتجة منذ ثلاث سنوات من تقلبات مناخية حادة أثرت على إنتاج الزيتون والزيت، وكان المغرب من بين هذه الدول، لكن الموسم الحالي كان صعبا جدا على الفلاحين، خصوصا صغار المنتجين.

وأكد أن الحكومة تدخلت في وقت محدد لضبط الأسعار وضمان تزويد السوق الوطنية عبر الاستيراد من الخارج، حيث سمحت في البداية باستيراد 10 آلاف طن من زيت الزيتون من أوروبا، ثم رفعت الكمية إلى 20 ألف طن في محاولة لخلق توازن في السوق وخفض الأسعار المرتفعة.

وأوضح بنعلي أن الاستيراد من تونس ليس جديدا، ويتم سنويا نظرا لإنتاجها الوفير وأسعارها المنخفضة مقارنة بالمغرب، إلا أن المستهلك المغربي يفضل الزيت المحلي من حيث الطعم والجودة، وبالتالي يظل الطلب على الزيت المستورد منخفضا، خاصة في المناطق القروية.

وأكد رئيس الفيدرالية أن الفجوة بين سعر البيع عند الفلاح والسعر النهائي عند المستهلك أصبحت كبيرة وغير مقبولة، حيث يبيع الفلاح الزيت بـ45 أو 50 درهم للتر، بينما يباع في السوق بـ70 إلى 80 درهم، نتيجة المضاربات وتكاليف التخزين والنقل والوساطة.

وأضاف أن بعض التجار يبررون هذه الأسعار بقولهم إنهم اشتروا المخزون بأسعار مرتفعة ولا يمكنهم البيع بخسارة، مشيرا إلى أن الفيدرالية تدرك هذه الإكراهات لكنها تدعو إلى وضع آليات لضبط السوق وتحديد سقف للربح لضمان عدالة السلسلة من الفلاح إلى المستهلك.

وفي ظل تحسن نسبي للإنتاج هذه الفترة، دعا بنعلي الحكومة إلى وقف الاستيراد من أوروبا بشكل مؤقت، موضحا أن المعطيات الحالية تشير إلى أن الفلاحين بدأوا في بيع الزيتون بأسعار مناسبة، وإذا استمر الاستيراد بنفس الوتيرة فإن السوق قد يغرق، ما سيؤدي إلى انهيار الأسعار وخسائر كبيرة للفلاحين.

وشدد على أن الفيدرالية لا تعارض الاستيراد في حد ذاته، بل تطالب بإدارته بشكل عقلاني يأخذ بعين الاعتبار حجم الإنتاج الوطني، ويفرض تقليص أو توقيف الاستيراد عندما يكون الإنتاج كافيًا، حماية للفلاح المغربي الذي يعمل في ظروف صعبة ويعتبر العمود الفقري للقطاع الفلاحي.

وحذر بنعلي من تأثير موجات الحرارة الحالية على جودة الزيتون ونسبة استخلاص الزيت، مؤكدا أن الطقس يظل عاملا حاسما في الإنتاج، وختم تصريحه بالتفاؤل بأن السوق سيعود إلى التوازن، معتبرا أن المؤشرات الميدانية مشجعة، ومطالبا الحكومة بالاستجابة لاحتياجات الفلاح لضمان إنتاج جيد بأسعار مناسبة للمستهلك ودخل لائق للفلاح.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *