حوار مع السيد محمد عزوز عضو بمجلس جماعة الفنيدق، و كاتب فرع الحزب الاشتراكي الموحد بالمدينة وعضو المجلس الوطني للحزب

1ـ ماهي قراءتكم للوضع العام الحالي بمدينة الفنيدق؟
في الحقيقة مدينة الفنيدق بصفتها وموقعها كمدينة حدودية في أقصى شمال المغرب ، تعيش منذ إغلاق معبر باب سبتة في أواخر سنة 2019 ظروفا اقتصادية واجتماعية صعبة ، بحكم أن المدينة عاشت لعقود على إيقاع الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بتجارة التهريب المعيشي عبر باب سبتة ، هذا المناخ الاقتصادي خلق توازنات سوسيواقتصادية بالمدينة ، كانت هي صمام الأمان في الاستقرار الاقتصادي والرواج التجاري الذي عرفته المنطقة لسنوات ، للاسف في السنوات الأخيرة انهارت هذه التوازنات بشكل متسارع وهو ما انعكس على الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالمدينة ، بل وتحولت المنطقة إلى بؤرة للهجرة والتسكع بشكل أفقد الفنيدق نسبة كبيرة من مقوماتها وهويتها الثقافية والاجتماعية وبالتالي ادى هذا الوضع إلى خلق جو من السخط والاحتقان ستكون له عواقب وخيمة حتى على ضوابط السلم الاجتماعي بالمدينة رغم كل المجهودات التي بذلت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
2 ـ بصفتكم عضو في جماعة الفنيدق كيف ترون دور التجربة الجماعية الحالية في إنقاذ المدينة من هذا الوضع ؟
في الحقيقة التجربة الجماعية الحالية راهنت عليها الساكنة الكثير نظرا الوعود والشعارات الكبرى التي رفعت في البداية ، لكن للاسف أن التجربة واقولها بكل مسؤولية ووضوح فشلت في معظم أهدافها ، نظرا لصعوبة المرحلة ودقتها اولا وثانيا لغياب المسؤولية السياسية في التسيير والتدبير وثالثا لكثرة الأطراف السياسية المشكلة الأغلبية والتي هي في أغلبها لم تقدم أية قيمة مضافة في التدبير ، باستثناء كونها أغلبية عددية تقنية ميكانيكية لا تتقن الا التصويت في الدورات ، وهذا للأسف ليس هو دور المنتخب الجماعي من موقع التسيير ، المنتخب الجماعي يجب أن يساهم في التدبير الشامل للمدينة في إعطاء اراء وافكار حول المسار التنموي المحلي ، المستشار الجماعي وخصوصا نواب الرئيس يجب أن يكونوا رقما في المعادلة المؤسساتية بالمدينة وليس رقما في التصويت العددي للدورات ، للاسف المجلس فشل وضيع موعده مع التاريخ والجغرافية ، الى درجة أصبحت الجماعة مؤسسة خارج الزمن التنموي للمدينة…..!!!!
3 ـ في هذا الإطار إلى أي حد استطاع المجلس الجماعي الحالي رد الاعتبار للمدينة كشعار أطر التجربة في بدايتها ؟
المشكل الحقيقي عند الأغلبية لم يكن هو رد الاعتبار نهائيا ، لانه عند تشكيل الأغلبية والمكتب كان الهاجس الأساسي عند اغلب الأطراف هو الظفر بالمناصب والتهافت على الكراسي ، وتم تهميش الكفاءات وأصحاب التجربة لصالح المنطق السياسوي الضيق وارضاء الخواطر ، ليتم تشكيل مكتب مسير اغلبيته من المجلس السابق وتركيبته محدودة جدا من جميع النواحي ، ليتحول مع مرور الوقت إلى قناة لتسجيل نقط جدول أعمال الدورات فقط ، مكتب مسير مشلول يراوح مكانه عاجز عن إعطاء أي اضافة في أي مجال أو سياق ، وهو ما فسح المجال لمؤسسات أخرى للاستحواذ النهائي على دواليب تدبير الڜان المحلي ، صوت المجلس أصبح مبحوحا في مناسبات عدة وعاجزا في مناسبات أخرى عن تقديم أي موقف من قضايا حساسة ومصيربة في المدينة ، والطامة الكبرى هي انفجار الأغلبية وانقسام المجلس إلى شعوب وقبائل خارج التغطية السياسية والإدارية والتدبيرية….
4- من موقعكم كمسؤول سياسي وحزبي محلي ، ماهي الاسباب في نظركم التي تعرقل المسار التنموي بالمدينة ؟
المسار التنموي بالمدينة يجب أن يساهم فيه الجميع من سلطات عمومية ومؤسسات منتخبة محلية وجهوية وبرلمان وحكومة ، لكن الأساسي في هذا الإطار هو الوضوح مع الساكنة والراي العام المحلي ، يعني أية هوية اقتصادية تريدها الدولة في هذه المنطقة بعد إغلاق المعبر ؟ كيف يمكن الحديث عن نموذج تنموي حقيقي بالمنطقة بعد فشل كل البدائل ؟ كيف نتحدث عن تنمية مدينة تحولت مؤخرا إلى قاعدة وطنية ودولية للهجرة الغير النظامية ؟ كيف يمكن التأسيس لأرضية متكاملة للتنمية في غياب حوار حقيقي بين مختلف الفاعلين السياسيين والمدنيين والحقوقيين والسلطات ؟ لا يمكن الدفع بعجلة التنمية في المنطقة أمام هيمنة مقاربة أمنية ضيقة في تعامل السلطات مع مختلف المشاكل والقضايا ، التنمية تنطلق من فتح مناخ من الانفراج والحوار وتبادل الأفكار وإعادة الثقة إلى المؤسسات والى التنظيمات الحزبية وفسح المجال أمام مجتمع مدني فاعل وحقيقي وليس اطارات موسمية تشتغل تحت الطلب لم تقدم أي إفادة للبلاد أو العباد….؟؟!!!
5- في رأيكم إلى أي حد
ساهمت المقاربة التي تنتهجها السلطات العمومية في ملف الهجرة في التخفيف من حدة الهجرة والمأسي المرتبطة بها ؟
السلطات العمومية تنتهج مقاربة أمنية ضيقة في التعامل مع هذا الملف ، وهذا شيء قلته وصرحت به مرارا وتكرارا في لقاءات رسمية وغير رسمية ، لكن للاسف المسؤولين اختاروا هذا المنحى في التعاطي مع هذه الظاهرة فليتحملو مسؤوليتهم ، اختاروا تسييج شاطىء المدينة وعسكرة المدينة ، واعتقال المرشحين للهجرة بما فيهم أبناء الفنيدق وترحيلهم إلى مناطق نائية جدا كعقوبة لا معنى ، أظن هذا الحل لن يجدي في شيء ، ملف الهجرة يجب التعاطي معه بشكل شمولي وعبر مقاربات متكاملة تستحضر البعد التنموي والإنساني بالدرجة الأولى ، وبالتالي على الجميع تحمل مسؤوليته في هذا الشأن لا على مستوى النوعية أو التحسيس أو التأطير ثم يأتي الجانب الأمني والعقابي في درجة ثانية ، لأن المشكلة معقدة ولها اسباب متداخلة تستدعي نوعا من التأني والحوار العميق والشامل من أجل إيجاد حلول واقعية وعملية لهذه الظاهرة التي لها طابع دولي وعالمي وليس محلي فقط…
6- كيف يمكنكم تفسير البيان الأخير الذي أصدرتها خمسة أحزاب بالفنيدق ومن بينها حزبكم الاشتراكي الموحد ، خصوصا أن التوقيع على البيان ضم أحزابا مسؤولة على التسيير الجماعي إلى جانب أحزاب من المعارضة ؟
البيان كان عبارة عن مواقف من قضايا محلية صادر عن فروع أحزاب وطنية بالمدينة ، وهو جاء في سياق خاص واستثنائي تمر منه مدينة الفنيدق ، وكان من الضروري الخروج بخطوة عملية واضحة بصدد الأحداث المتسارعة والغير المفهومة التي تعيشها المنطقة مؤخرا ، مسألة الأغلبية والمعارضة داخل جماعة الفنيدق لم يكن لها تأثير على تركيبة ومنهجية هذا العمل المشترك ، بحكم أن المجلس الجماعي فقد البوصلة وتداخل فيه الحابل بالنابل ، وربما أنني شخصيا في آخر دورة عادية كنت قد طرحت سؤالا مباشرا عن من يتحمل المسؤولية السياسية في تسيير المجلس الجماعي ؟ لم تكن اية إجابة ، الجميع التزم الصمت ، وهنا تبين أن المجلس بدون هوية سياسية والتجربة الجماعية خارج التغطية السياسية وهذه مشكلة بنيوية أخرى فيها نقاش طويل وعريض لا يسع له المجال في هذا الحوار…
7- ماهو تصوركم للخريطة السياسية المستقبلية محليا وإقليميا ؟
في الحقيقة هذا سؤال سابق لأوانه ، على اعتبار أن المنطقة لا زالت تعيش مخاضا اقتصاديا واجتماعيا صعبا ستكون له انعكاسات وآثار مباشرة على الوضع السياسي محليا وإقليميا ، ما يمكن قوله هو أن مستجدات القوانين الانتخابية وترسانة قانون الجماعات المحلية ستكون له تأثيرات مباشرة ، كما الانتخابات التشريعية التي ستشهدها بلادنا في السنة المقبلة ستعطينا مؤشرات واضحة على الخريطة السياسية لجماعة الفنيدق في الاستحقاقات الجماعية ب
الفنيدق سنة 2027.
-كلمة أخيرة :
واخيرا اشكر جريدة مجلة 24 التي اجتاحت لنا الفرصة الدلو بدلونا في قضايا محلية مختلفة ، كما أحيي الاخ والصديق عمر اياسينن على جرأته في تناول قضايا تهم الفنيدق في سباقات مختلفة ، ومن هذا المنبر التمس من مختلف السياسيين والمنتخبين بالمدينة إلى التحرك وتحمل المسؤولية في فضح المكشوف وتوضيح ما يجري ويدور في دواليب تدبير منظومة الشأن المحلي بمدينة الفنيدق.