جهات تستغل مواقع التواصل الاجتماعي لشيطنة السلطة القضائية
أفادت مصادر صحفية، اليوم الجمعة 15 نونبر 2024، أن بعض الأطراف اتخذت من مواقع التواصل الاجتماعي منصات لمهاجمة القضاء والقضاة عبر التعليق الشعبوي على الاعتقالات والمتابعات والأحكام وإصدار تمثلات وتهيؤات بعيدة عن معطيات الملفات، تارة للضغط وأخرى لنسج قصص خيالية حول الانتقام ونظرية المؤامرة وغيرها من السيناريوهات التي تلقى تصديقا في العالم الافتراضي، بل يتناسل مرددوها لعلمهم بجاذبيتها وبأنها تدخل في ما يحبه “المتفرجون”.
وأشارت جريدة الصباح، في مقال نشرته في عددها اليوم الجمعة، أن جلد قضاة ومسؤولين، على مرأى ومسمع، إلى ظاهرة بث أخبار لا إثبات فيها إلا “تخراج” العينين والحلف على اليمين، دون أن تتوقف هذه الآلة الهدامة، إذ في كل مناسبة تتسابق الوجوه لشرح الخفايا وبسط النوايا، ولو أنها بعيدة عن جغرافية مكان الحادث، وعن معطيات ملف القضية، فالشيء الوحيد الذي يقربها هو تفاعل المشاهدين الجالسين وراء هواتفهم وحواسيبهم، مع الإثارة والاتهامات والأخبار المشهرة بالعباد، بل يتم الالتفاف حول قضية وتتحول بقدرة قادر إلى مسلسل يزداد تشويقا بكل توابل الأخبار الزائفة التي تنثر عليه.
وتحولت مواضيع القضاء، تضيف الجريدة، إلى برامج شعبوية تناقش على الهواء دون رقيب، بل وتخبط خبط عشواء في شرح الفصول والوقائع، وإدانة الأبرياء، أو تبرئة المجرمين، ما يشكل تدخلا سافرا في القضاء، بل ويدخل ضمن جرائم أفرد لها المشرع عقوبات ضمن ما يوصف بالتأثير على القضاء.
وقالت الجريدة إنه فرنسا، التي تبنت منذ زمن الجمهورية الفرنسية الثالثة أواخر القرن 19، شعار ثورتها “حرية مساواة أخوة”، والتي تعد مرجعا لنا في القوانين الوضعية، تحتفظ دائما للقضاء بهيبته ولا يصل درجة التشهير والاتهام الباطل.
ورغم ما يبدو من تدخلات واقعية تصدر في بعض الأحيان حتى عن المسؤولين في مختلف القطاعات، تضيف الجريدة، كما هو الشأن بالنسبة لتصريحات مارين لوبان، رئيسة حزب الجبهة الوطنية اليميني، بعد إدانتها بالسجن 5 سنوات، سنتان منها نافذتان، والحكم عليها أيضا بعدم الأهلية للانتخاب لخمس سنوات، في القضية التي اتهمت فيها رفقة 24 عضوا في حزبها، بتهمة استخدام أموال الاتحاد الأوربي لتمويل رواتب موظفين في حزبها، فقد علقت على الحكم قائلة “إن القضاء يتدخل في حرية الاختيار للفرنسيين”، وقبلها الشنآن الذي وقع بين الشرطة الفرنسية والقضاء، إثر اعتقال شرطي ضمن أربعة، وجهت لهم اتهامات بالتسبب في قتل شاب، إذ صرح المدير العام للشرطة الوطنية في لقاء صحافي بأنه “لا مكان لشرطي في السجن، حتى ولو ارتكب أخطاء جسيمة أثناء عمله، ووجود الشرطي في السجن يمنعني من النوم، وكان على القضاء أن يتركه حرا…”.
وأمام تنامي هذه السطوة الشعبوية التي تهدد بالأسوأ، تقول الجريدة، فإن السلطة القضائية اليوم، تجد نفسها أمام امتحان حماية المنتسبين إليها من التشهير بهم وبأبنائهم وأقاربهم، لما يتلقونه من رسائل مشفرة، تدخل في ما يوصف تأثيرا مباشرا على سلطة القضاء، وهو التأثير الذي نهى عنه القانون وجرمه، إذ أورد الفصل 109 من الدستور في فقرته الثانية أنه “يجب على القاضي، كلما اعتبر أن استقلاله مهدد، أن يحيل الأمر على المجلس الأعلى للسلطة القضائية”.
كما نص الدستور في فقرته الثالثة من الفصل 109 على أنه “يعاقب القانون كل من حاول التأثير على القاضي بكيفية غير مشروعة”.
أما القانون الجنائي فقد حدد عقوبات لزجر جريمة التأثير على القاضي، فنص في الفصل 266 على أنه “يعاقب بالعقوبات المقررة في الفقرتين الأولى والثالثة من الفصل 263 على: الأفعال أو الأقوال أو الكتابات العلنية، التي يقصد منها التأثير على قرارات رجال القضاء قبل صدور الحكم غير القابل للطعن في قضية ما”، وكذا الفقرة الثانية من الفصل نفسه الذي يضيف “الأفعال أو الأقوال أو الكتابات العلنية، التي يقصد منها تحقير المقررات القضائية، ويكون من شأنها المساس بسلطة القضاء أو استقلاله”.