مجلس النواب يثير ملف إندثار واحات النخيل بجهة درعة تافيلالت

تواجه الواحات بالمغرب تحديات كبيرة في الآونة الأخيرة بعد توالي سنوات الجفاف ونشوب حرائق بها، وهو ما دفع برلمانيين وجمعويين إلى مطالبة الحكومة بالتدخل لإنقاذها.
وفي هذا الصدد، نبه برلمانيون عن أحزاب الأغلبية والمعارضة بمجلس النواب، مؤخرا، إلى تهديد انخفاض المياه الجوفية واستمرار موجة الحرارة المرتفعة على مناطق الواحات بالجنوب الشرقي، مطالبين بإجراءات حكومية لمحاربة آثار الجفاف وتمكين هذه الواحات من الاستمرارية.
وحذر النائب البرلماني عن حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”، من “وضعية جد صعبة تعيشها الواحات بعدد من أقاليم المملكة نظرا لغياب نظام سقي يحميها”، مشيرا إلى أن وضعية أكبر واحات المغرب وهي درعة تشهد موت آلاف الأشجار وهجرة آلاف الأسر، منبها إلى أنه “إذا لم يكن هناك تدخل سريع سيكون قد فات الأوان لإنقاذ تراث إنساني”.
من جانبه، قال وزير الفلاحة المغربي محمد صديقي في رد على أسئلة برلمانيين بخصوص الموضوع إن “انعدام منابع المياه يشكل إشكالية كبرى للواحات لأن المياه الحالية مخصصة لتزويد سكان هذه المناطق بالماء الصالح للشرب”، مضيفا أن “الحكومة تحاول إيجاد حلول لمناطق الواحات حتى لا تضيع أشجار النخيل وإنتاج التمور”.
وبحسب تقرير لـ”المعهد المغربي لتحليل السياسات”، فإن “الواحات تغطي 15٪ من مجموع مساحة المغرب ويقدر عدد سكانها بنحو مليوني نسمة أي ما يعادل 5٪ من مجموع سكان المغرب”، مسجلا أن “الواحات خلال العقدين الماضيين عرفت تدهورا لافتا لا سيما تراجع مستوى المياه الجوفية بمعدل يتراوح بين 15 و20 متر مكعب سنويا وانخفاض بنسبة 34٪ من إنتاج التمور”.
“وضع مقلق”
وتعليقا على الموضوع، يقول رئيس جمعية “المنارات الأيكولوجية من أجل التنمية والمناخ” بالمغرب، مصطفى بنرامل، إن “الواحات بالجنوب والجنوب الشرقي للبلاد تعرف وضعا مقلقا بعد توالي سنوات الجفاف وتغير الدورة المناخية والتوجه نحو زراعات مستنزفة للفرشة المائية كزراعة البطيخ الأحمر”.
وأضاف بنرامل، في تصريح لموقع “أصوات مغاربية” الذي أورد الخبر، أن “هذه العوامل جعلت الوضعية الاجتماعية والاقتصادية لسكان الواحات تدق ناقوس الخطر وسط ارتفاع الطلب على الموارد المائية بالبلاد، مما أدى إلى هجرة شبه كلية لشباب المنطقة نحو المدن للبحث عن موارد للعيش بالإضافة إلى نشوب الحرائق بشكل مضطرد وسنوي”.
وبالنظر إلى هذه المخاطر التي تهدد الواحات وتُعرضها للاندثار فإن المغرب”، يقول بنرامل “يخسر تراثا غير مادي مهم يعتبر أحد مفاتيح السياحة الإيكولوجية عالميا، كما يخسر منطقة زراعية مهمة في إنتاج التمور ويساهم في تسريع وتيرة هجرة سكان الواحات نحو المدن وسط إكراهات اجتماعية واقتصادية”.
وأمام هذا الوضع، دعا المتحدث إلى “تدخل الحكومة وجميع المتدخلين من القطاع الخاص في الشأن البيئي برفع التحدي وتوجيه استثمارات ودعم مالي لإنقاذ واحات النخيل وإعادة الاستقرار لسكان هذه المناطق”، لافتا في الوقت نفسه إلى أهمية تزويد مناطق الواحات بـ”بنيات تحتية موازية لتوصيل المياه إليها”.
“أسباب بشرية”
من جانبه، أكد الخبير البيئي وأستاذ البيولوجيا بكلية العلوم والتقنيات بالرشيدية، شكيب عالم، أنه “رغم التغيرات المناخية التي تعد السبب الرئيسي في تدهور الواحات إلا أن هناك أسبابا أخرى بشرية تتجلى في الإهمال الذي يطال مناطق الواحات نتيجة هجرة جماعية لسكانها نحو المدن” منبها إلى أن “التخلي عن العناية بأشجار النخيل وتنقيتها من الجريد اليابس يجعلها معرضة لخطر الحرائق”.
وحذر الخبير، في تصريح لذات الموقع”، من أنه “أمام هذا الإهمال وارتفاع موجات الحر فإن وتيرة الحرائق سترتفع أكثر خاصة على مستوى الواحات القديمة التي تعاني من قلة المياه مما يفاقم وضعيتها ويزيد من خطورة تهديد وجودها”.
وأضاف أن “المنظومة الفلاحية للبلاد أولت اهتماما بإحداث زراعات عصرية في هذه المناطق على حساب العناية بالواحات مما زاد في خنق هذا الإرث الإيكولوجي الذي لا يرتبط فقط بأشجار النخيل وإنما أيضا بزراعات معيشية وتربية المواشي وبعض الحرف والصناعات المحلية”.
وشدد المتحدث ذاته على “ضرورة إحياء مناطق الواحات عبر إعادة تعميرها ومساعدة السكان على إيجاد موارد مائية لمواجهة الجفاف سواء عبر حفر آبار عميقة أو الاستفادة من مياه السدود المجاورة”.