تحلية مياه البحر.. حل لا محيد عنه رغم استهلاك الكثير من الطاقة

يمر المغرب بمرحلة تحول في مواجهة أزمة المياه الحادة، فبعد سنوات من الجفاف الممتد وندرة الأمطار بشكل متزايد، اتخذت البلاد قرارا حاسما يتمثل في تسريع مشاريع تحلية مياه البحر لتلبية الطلب المتزايد على المياه.
غير أن هذه العملية في الواقع، تقول جريدة فاينانس نيوز إيبدو في عددها اليوم، تتطلب الكثير من الطاقة.
وتستهلك تقنية التناضح العكسي (تقنية لترشيح المياه)؛ وهي التقنية الأكثر استخداما في المغرب، حوالي 4 كيلووات في الساعة لكل متر مكعب من المياه المنتجة.
وبعبارة أخرى، تضيف الصحيفة، فإن إنتاج المياه للمدن الكبرى والقطاعين الفلاحي والصناعي فقط يتطلب كمية هائلة من الطاقة.
وفي هذا الصدد، قال الخبير الاستشاري في مجال إدارة الطاقة، سعيد كمرة، “إن مشاريع المحطات العشرة قيد الإنجاز ستبلغ احتياجاتها السنوية من الكهرباء 1.57 تيراواط/ساعة في السنة”
هذا الأمر، يضيف المصدر في تصريح للصحيفة ذاتها، مما يتطلب طاقة متجددة تبلغ 450 ميغاوات، أو حتى 900 ميغاوات لتحقيق هدف 800 مليون متر مكعب/سنويا، أي 50 في المائة من الاحتياجات الحالية”.
وعادة ما تتعرض تقنية تحلية المياه لانتقادات، كونها تستهلك الكثير من الطاقة، وبالتالي تؤثر سلبا على البيئة، لكن الرباط أعلنت أن محطات التحلية ستشتغل بالطاقات المتجددة، وهو ما يسمح بتخفض التكلفة بشكل كبير.
وفي هذا الصدد، يقول الخبير محمد بنعبو إن استعمال الطاقة المتجددة بدل الوقود الأحفوري في تشغيل محطات تحلية مياه البحر هو خيار لتخفيف الغازات الدفئية ومواجهة التغيرات المناخية أيضا.
ويشير بنعبو، في حديث لموقع “الحرة”، إلى أن استعمال الطاقات المتجددة سواء التي مصدرها الشمس أو الرياح تساعد أيضا على تخفيف الآثار البيئية لتحلية مياه البحر، مضيفا أن استعمال الطاقات في تحلية مياه البحر يخفف التكلفة البيئية وحتى المالية للمشروع.
وتخطط المملكة لاستعمال المياه المحلاة في القطاع الزراعي وأيضا لتوفير مياه الشرب لبعض المدن.
ووفقا لبيانات البنك الدولي، فإن القطاع الزراعي، الذي يمثل 14% من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب، هو أكبر مستهلك للمياه، حيث يمثل حوالي 88% من إجمالي الطلب.
ويمكن أن يؤدي انخفاض توافر المياه وانخفاض غلة المحاصيل بسبب ندرة المياه إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 6.5%.
ولمواجهة هذا الوضع، ركزت الحكومة المغربية جهودها على تشجيع الانتقال إلى مصادر مياه بديلة، مثل مياه البحر المحلاة أو إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة.
وتخطط الحكومة المغربية لبناء محطات أخرى لتحلية مياه البحر في المدن الساحلية لخفض ضغط المياه في السدود في حال استمرار الجفاف.
وبدأ منذ يناير الماضي إمداد سكان مدينة أكادير بمياه للشرب محلاة في محطة مجاورة على المحيط الأطلسي. وهو ما مكّن من تفادي عجز يقارب 70 في المائة من حاجات المدينة من المياه، وفق معطيات رسمية.
وسبق أن شهدت المدينة، التي تعتبر عاصمة أهم منطقة زراعية في المملكة، في خريف 2020، إجراءات تقشفية شملت قطع مياه الشرب خلال الليل في مواجهة جفاف السدود المجاورة.
وذكرت تقارير عدة في الأعوام الأخيرة أن المغرب بين البلدان المهددة بشح المياه بسبب التقلبات المناخية. وتراجعت حصة الفرد من المياه في المملكة من حوالي 2600 متر مكعب خلال الستينيات إلى قرابة 606 مترا مكعبا حاليا، وهو المستوى القريب من معدل شحّ المياه المحدّد بـ 500 متر مكعب للفرد.