الدكتور ” عبد النبي عيدودي ” للمجلة 24 : هناك انحباس في المبادرة، وغياب للحوار العمومي بشأن القضايا الملحة بسيدي قاسم

الدكتور ” عبد النبي عيدودي ” للمجلة 24 : هناك انحباس في المبادرة، وغياب للحوار العمومي بشأن القضايا الملحة بسيدي قاسم

 

من بيئة قروية بدوية ، التابعة لإقليم سيدي قاسم و بالضبط جماعة الحوافات ، إستطاع الدكتور عبد النبي عيدودي المنسق الإقليمي لحزب الحركة الشعبية وعضو المجلس الوطني للحزب ، في فترة قصيرة من كسب ثقة المواطنين والمواطنات بالإقليم ، وكان للعيدودي حضور فعال في الساحة السياسية المغربية بالترافع الإيجابي على الإقليم .
مجلة 24 إستضافت الدكتور عبد النبي عيدودي في حوار مطول ، يحكي فيه تجربته السياسية و طموحاته المستقبلية لتنمية الإقليم ، وإليكم نص الحوار .

حاوره _ عبد الحكيم الطالحي

1_ من هو الدكتور عبد النبي عيدودي؟

أنا مواطن مغربي، أنتمي للأمة المغربية الشريفة، أُجدد بيعتي للعرش العلوي المجيد بلساني وقلبي كل حين. من مواليد سنة 1976 بجماعة الحوافات، إقليم سيدي قاسم. نشأت في بيئة قروية بدوية خالصة، حيث تشبعت بقيم الكد والتواضع، وتعلمت حروف الأبجدية في “المسيد” على يد جدي الفقيه سي بنعيسى. حفظت القرآن حفظا في طفولتي، كنت أرعى البقر وأسرح الغنم، أحرث الأرض وأجمع الحطب، وأبيع في الأسواق الأسبوعية (سبت الحوافات، اثنين مشرع بلقصيري، وخميس ارميلة). تلك التجارب منحتني جذورًا راسخة في الأرض.
تابعت دراستي في المدرسة العمومية إلى أن حصلت على دكتوراه في العلوم السياسية والقانون الدستوري سنة 2013، ثم دكتوراه ثانية في علم مقارنة الأديان سنة 2020.
أصدرت 15 كتابًا و127 مقالة علمية، وتقلدت مسؤوليات عمومية كرئيس جماعة الحوافات (2015-2021)، ورئيس دار الكداري، ونائب برلماني سنة 2021. وأنا اليوم مناضل في حزب الحركة الشعبية، أتشرف بعضوية المجلس الوطني، وترأست هيئة المتصرفين الحركيين. وكما قال سقراط: “أنا لا أعلّم أحدًا، بل أُوقظ فيهم روح التساؤل.” وهذا ما أؤمن به في مساري كله.

2 _ هل تعمق حالة الجمود السياسي العزوف الانتخابي بإقليم سيدي قاسم؟

العزوف السياسي ليس قدرًا محتومًا، لكنه نتيجة طبيعية للفراغ في النقاش العمومي، وضعف الثقة بين المواطن والفاعل السياسي. وكما قال مونتسكيو: “اللامبالاة السياسية تفتح الباب أمام الاستبداد.”
في إقليم سيدي قاسم، هناك انحباس في المبادرة، وغياب للحوار العمومي بشأن القضايا الملحة.

السبب؟

غياب فاعلين يملكون الكفاءة والغيرة الصادقة، ويشتغلون بحُب، لا بمنطق الغنيمة. العزوف يُقاوم بتجديد الخطاب، والاقتراب من المواطن، والاستثمار في السياسة كخدمة، لا كامتياز. كما قال الإمام الشافعي: “ما ناظرت أحدًا إلا ووددت أن يُظهر الله الحق على لسانه.”، هكذا يجب أن نكون في السياسة.

3_ ما الذي ينقص إقليم سيدي قاسم للرقي تنمويًا؟

ينقصنا أولاً: المشاعر الصادقة، لأن السياسة دون إحساس لا تُنتج سوى الجفاف. كما قال جبران خليل جبران: “لا قيمة لإنسان لا يشعر بآلام الناس.”
ثانيًا: النية الخالصة، فهي جوهر الفعل النزيه. وثالثا: القرب من المواطن، فالمخططات لا تنجح إلا إذا انطلقت من الأرض، من القرى والدواوير، ومن نبض الناس لا من المكاتب المكيفة.
كما قال الفيلسوف الصيني كونفوشيوس: “إن كنت تخطط لسنة فازرع قمحا، وإن كنت تخطط لعقد فازرع شجرة، وإن كنت تخطط لحياة فازرع إنسان.

4_ ما أولوياتك التنموية في المرحلة المقبلة؟

أولويتي الثابتة منذ أكثر من 15 سنة هي فك العزلة عن الجماعات القروية المهمشة في الإقليم. من مشاريع الماء والكهرباء والطرق، إلى دعم التمدرس والنقل والصحة.
رغبتي ليست طموحًا سياسيًا، بل التزامًا أخلاقيًا ووطنيًا، كما قال الإمام علي: “ما أغنى المال عن الفقر، إذا فُقدت العدالة.”
في أفق 2027، إذا قدّر الله لنا الاستمرار في التمثيل المحلي، فسنشتغل على تعزيز الشراكة مع باقي الجماعات الترابية بالاقليم و الجمعيات والمجتمع المدني، من أجل تنمية شاملة ومندمجة. لأن التنمية ليست رفاهية، بل ضرورة للكرامة.

5_ هل لديكم برنامج مستقبلي للخروج من الركود؟

العمل السياسي الجاد ليس فعلًا فرديًا، بل مسؤولية جماعية. حين كنت رئيسًا للحوافات ودار الكداري، بذلت كل الجهد، وبتوفيق من الله وبشهادة الساكنة، تحقق جزء من الطموح.
اليوم، لا يمكن تجاوز الركود إلا بتعاون الجميع: الجماعات، المجتمع المدني، المؤسسات المنتخبة، والساكنة. كما قال جون ديوي: “المشكلة ليست في ندرة الموارد، بل في تنظيم الإرادات.”

6_ كيف ترون واقع الأحزاب، وما السبيل لتأطير المواطنين؟

الأحزاب تمر من أزمة قيادة ونخب، لذلك نحتاج إلى إحياء دورها التربوي والتأطيري. لا يمكن الحديث عن ديمقراطية حقيقية دون أحزاب قوية، ونخب مسؤولة.
يجب تقوية الأحزاب قانونيًا وماليًا، وربطها بمؤسسات التكوين، وليس بالولاءات الظرفية. لأن الأزمة اليوم ليست في غياب الحلول، بل في غياب القادة الذين يصنعون الحل.
عندما نُعيد للمنتخب احترامه، ونجعل للمواطن مكانًا في القرار، ستعود الروح للعمل السياسي.

7_ ما تقييمكم لحكومة حزب التجمع الوطني للأحرار؟

الواقع لا يحتاج لتزيين. المواطن يشعر يوميًا بغلاء الأسعار، تأخر المشاريع، وضعف العدالة الاجتماعية. كما قال أرسطو: “العدل هو أساس الحكم، وإن اختلّ العدل انهار البنيان.”
نحتاج إلى مراجعة الأولويات، وإعادة التوازن بين المركز والهامش، لأن الشعارات لا تُغني عن العمل.

8_ هل تحولت الأحزاب إلى جزء من المشكل بدل أن تكون جزءًا من الحل؟

الأحزاب الوطنية ليست مشكلًا بذاتها، لكنها تحتاج إلى إصلاح عميق. التعددية ضرورة، وسياسة الحزب الواحد تُهدد الوحدة الوطنية. كما قال ابن خلدون: “الاختلاف إذا كان من أجل الحق فهو نعمة.”
أنا مناضل في حزب عريق، أؤمن بأن الإصلاح من الداخل هو سبيل البناء، لا الهدم. لا يمكننا أن نُصحح المسار إلا بالمشاركة، لا بالمقاطعة.

9_ ترفعون شعار “الحركة الأصل، ومعاكم البديل”. ما الذي يميز رؤيتكم؟

نحن لا نطرح أنفسنا كبديل فردي، بل كمكوّن مسؤول داخل مؤسسات الوطن. رؤيتنا قائمة على ثلاث دعائم :
1_انتخابات حرة ونزيهة تحفظ التعددية.
2_لا مركزية حقيقية تنقل السلط للجماعات والجهات.
3_ تناغم كامل مع الرؤية الملكية التنموية لأن القائد العظيم يجعل الناس يشعرون بأنهم أنجزوا كل شيء بأنفسهم. هكذا نريد للسياسة أن تكون.

10_ ما الذي يُميزكم عن باقي الأحزاب في البرامج الاجتماعية؟

الحركة الشعبية رفعت شعار التعددية منذ البداية، وكانت صوت البادية والهوية المغربية.
نحن نؤمن بتعليم عادل، صحة متاحة للجميع، سكن كريم لكل أسرة، وفرص عمل حقيقية للشباب. لأن الحضارة لا تُبنى بالكلمات، بل بتقاسم الفرص .. نريد وطنًا يتساوى فيه الجميع في الحقوق، لا وطنًا يُقسم بالتفاوتات بين المركز و الهامش .

11_في حالة فوز حزب الأحرار، هل ستتحالفون معه؟

القرار بيد القيادة الوطنية، ونحن نحترم مؤسسات حزبنا. لكن من حيث المبدأ، لا نحمل موقفًا عدائيًا من أي حزب وطني.
المواطن هو من يُحدد الخريطة السياسية، وعلى ضوء النتائج تُبنى التحالفات.. فالديمقراطية ليست مثالية، لكنها أفضل ما جرب حتى اليوم في الأنظمة السياسة.
وأختم بالشكر لكم على هذا الحوار الشيق بما قاله ابن رشد: “العقل لا يزدهر إلا في ظل الحرية والمسؤولية.”، ونحن نطمح لوطن يُنصت للعقل، ويحتضن مشاعرا لأهله.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *