مذكرات مواطن أدمن عشق الوطن (العشق التاسع)

الأيام تدور وحدود الوجوه تظل ثابتة لا تتغير…. نقوش مطاط عجلة الأيام ترسم التجاعيد ونصل فرشة الكلمات تضيف ألوان الحمرة الداكنة تحت العيون … والدار البيضاء هذه المدينة الفوضوية تحرك فيك كل غرائزك القتالية والجنسية … تسرقك الشوارع وتستفز شبابك وذكوريتك الحسان ذوات الكعب العالي …. تتيه بين الدراسة والعمل والمقاهي …. كل شيء في هذه المدينة يتحرك ويتغير، حتى عائشة تلك البدوية القادمة من سوس أصبحت تتحرك وتتغير بشكل جنوني كجنون هذه المدينة.
التقيت بها في باحة المدرسة… دخلنا في حوار مرطوني أدى إلى تعارفنا، واكتشفت أنها جارتنا الوافدة الجديدة هي وأمها وثلاثة من إخوتها البنات، وتسكن بالطابق العلوي من البناية التي أقطن بها بدرب القريعة … عدنا ذلك اليوم من منتصف شهر أيلول/شتنبر إلى المنزل ونحن نتجاذب أطراف الحديث عن موطن مولدها بأحد البوادي المتواجدة بضواحي مدينة أكادير…. تكررت لقاءاتنا وحكاياتها المتتالية والأليمة لطفولة صعبة عشتها محرومة من عاطفة وحنان الأب، حيث تركهم أطفالا صغار واستقر هو بمدينة البيضاء للعمل، إلا أن غواية هذه المدينة الرعناء جعلته يتزوج من امرأة أخرى تاركا أم عائشة تندب حظها العاثر في بادية سوس، وبعد ستة سنوات من زواجه الثاني وانقشاع غشاوة سحر وبهرجة مدينة البيضاء التي تسحر لب الوافدين، طلق زوجته الثانية وأتى بزوجته الأولى وبناتها لهذه المدينة الصاخبة والمثيرة.
كان يخيل إلي وأنا أتحدث معها أنني أمام بحر هادئ ليس حوله سواي…. كل عباراتها أمواج تجيء لي لتحملني إلى نصفها، وتسكنني هناك على خلجان صمتها الأحن إلى كلماتي والمنادي بألف حجرة هائمة في ترميم ما تبقى من انقساماتنا، وقيامة البعد المنهك … الخالي من بناء العلاقة لعمرٍ أطول من كل الأحداث بيننا…. صار يجمعنا ركن من سلم الدرج بالمنزل ننزوي فيه ونوزع قبلاتنا المبعثرة على أنحاء وجنتينا وشفتينا … كانت قبل من النوع الذي يدغدغ شتى أحساسينا ومشاعرنا … كانت تكبرني بأربع سنوات وإنه لمن العسير أن أنسى ذلك الركام القديم في زوايا الدرج … حيث كانت تلك القبلات واللمسات الناعمة من يديها تثير فيا رغبة الالتحام بها … لقد كانت قبلاتنا تائهة نزرع منها العشرات على جسدينا لعلها تطفئ نار شبقية تتقد مستعيرة بداخلنا …. بعدها تطورت علاقتنا لتتجاوز ذلك الشبق الطفولي إلى الإشباع الجسدي والارتواء الكامل … تأخذني إلى أحضانها كلعبة صغيرة تعيدها لطفولتها التي كانت فيها بكارة في أطوار النمو… تسحقني بين دراعيها ولأول مرة أحس بلهيب شفتيها وهي تقبلني قبلة سكرت بعدها وأيما سكرة ….. كانت في حالة هيجان شهواني كامل وكنت كعصفور صغير في مهب الريح … شامة التكرير المتحولة من رقعة وجهها إلى فخذيها البارزين والشاهدين لأنوثة تتطور كمحارة للتو ولدت…. ثمة شهوات لا يمكنها طرد اللعنات من وجوه النساء، وأخرى تجلب الحظ للرجال…. الرجل يبدو بكرا في مطلع شبابه، ويموت وهو ما يزال بكرا… هناك فرق بين أن تكتب لامرأة، وبين أن تكتب لأنثى…. فكل النساء يولدن زهور متعطشات للندى، والحب الذي يسكن امرأة عرجاء وحده من يجعلها تنهض وتركض كأنها لم تكن قعيدة يوما ما…. فكل الشهوات عبارة عن ركن جسدي في أعلى الأقفاص الصدرية التي نسير بها.
يذوب الوقت ويتلاشى دونما انتظار… يمضي قاهرا جثث الصبر… متعمدا المسير على طرق المتوقفين وهو نفسه من قرر الاستمرار…فما مضى لن يعود… والآتي لم يعط وعود.. وما أنا إلا تلك اللحظة مولود…استولد لحظتي نظرة لعلها تسعفني الأفكار وتهب لي طيف انتصار… فانا ما زلت موجود…ذاك الصباح كان لك أنت عائشة… كنت رائعة وأنت تشق النهار بخطواتك المتمايلة ودلالك الأنثوي.. وغنج الأنوثة الفياضة … جميلة بتباشير صبح.. وارهاق الامس.. وبما يخبئه لك اليوم من أسرار.