تعويذة الموت / رواية لمحمد نور بنحساين

تعويذة الموت / رواية لمحمد نور بنحساين

ترى ما الذي يجعل مبدعا شابا كتب القصة وأبدع فيها وحصد الجوائز، يغامر بالكتابة في رواية الخيال العلمي، لعل الجواب يكمن في السؤال نفسه، مبدع شاب ومغامر، بعيدا عن أصناف الروايات المتداولة، يغامر بنا محمد نور بنحساين في عمل تجريبي بامتياز، رواية تمخر بنا عباب التخييل الغرائبي، بعيدا عن الواقعية أو الذاتية وباقي الأنواع الأخرى. محمد نور بنحساين الذي عرفناه قاصا جميلا في اختيار نصوصه، عميقا في ملامسة قضايا جيله، أراد أن يكون روايئا وفي مجال صعب التحقيق، لكن رواية الخيال العلمي بغرائبيتها، والغرائبية نفسها رغم صعوبتها تبقى عملا جديرا بالتجريب والقراءة معا، مادامت تسمح لنا بالاتكاء على الجموح الكامل نحو التخيل والإبداع، وما الكتابة إلا جموحا نحو التخيل وجنوحا نحو الخلق والإبداع.
من عالم واقعي يتقاسمه صديقان زميلان يرسمان مستقبليهما من أرضية واقعية صلبة وصرفة، متمثلة في الرغبة والاجتهاد من أجل الحصول على الباكلوريا، العتبة الصعبة نحو الجامعة بتخصصاتها المتعددة، ومشاربها الكثيرة، مستقبل يرتبانه حسب حلم كل واحد منهما، بين حب اللغة والحلم بأن يكون الأول روائيا، وبين حب الفلسفة ورغبة الثاني أن يكون فيلسوفا. أحلام كبيرة لتلميذين مقبلين على الحياة محبين لها، سيجدان نفسيهما أمام لعبة الكترونية لم يستطيعا أن يكبحا رغبة التعرف عليها وفضول خباياها على شاشة الحاسوب. يصطدمان بأنهما أمام لعنة تلحق كل من أراد أن يتعرف على ” تعويذة الموت” وبالتالي ستوقعهما هذه اللعبة وتلحق بهما تلك اللعنة، لتنتهي بعد تصاعد للأحداث حابس للأنفاس، تنتهي إلى مأساة حقيقية ستلحق بهما الواحد تلو الآخر.
هذه الرواية هي انتقاد صارخ لانغماس الإنسان في عالم المعلوميات المعقد، واستلاب الأجيال أمام تغول التيكنولوجيا المستوردة، وهي أيضا ملامسة للحالة الذهنية المغيبة للعقل الواعي لصالح عقليات تسعى للسيطرة من خلال التعلق بعالم ما وراء العقل. هذه الرواية هي فريدة في موضوعها وكيفية عرضه، هي رواية تتناول اللا واقع واللا ممكن والمستحيل من خلال الواقع والممكن والمتاح.
هي رواية من صنف الخيال العلمي في عالم طغت فيه ثقافة المعلوميات، وتفشِّي التيكنولوجيا، تجربة جديرة بالقراءة تنبئ بقدرة المبدع الشاب محمد نور بنحساين على خوض تجارب روائية أخرى، من أصناف أخرى.
دة فضيلة الوزاني التهامي/ ناقدة وكاتبة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *