الندوة العلمية الثامنة للباحثين في الدكتوراه النقد الثقافي: تجاذبات النصي والثقافي
في إطار أنشطته الثقافية، نظم مختبر السرديات والخطابات الثقافية بكلية الآداب والعلوم الانسانية بنمسيك بالدار البيضاء الندوة العلمية الثامنة للباحثين في الدكتوراه تخصص النقد الأدبي وتحليل الخطاب والرواية، في موضوع” النقد الثقافي: تجاذبات النصي والثقافي” وذلك بهدف مواكبة الطلبة الباحثين في سلك الدكتوراه، وبغية تجويد البحث العلمي وربطه بأحدث المناهج والمعارف في مجالات الاختصاص.
استهل ذ. ناصر اليديم أشغال هذه الندوة العلمية بتثمين الجهود الكبيرة التي يبذلها مختبر السرديات وتحليل الخطابات، من أجل النهوض بالبحث العلمي وتأطير الطلبة الباحثين في سلك الدكتوراه، بكلية الآداب بنمسيك بالدار البيضاء وبالجامعة المغربية.
وقد توزعت أشغال هذه الندوة عبر ست ورقات علمية، انطلقت بمداخلة الطالب الباحث عبد العالي الدمياني في موضوع “النقد الثقافي في الخطاب النقدي العربي: مقاربة لمنجز نادر كاظم”، حيث حاول الباحث تتبع استقرار النقد الثقافي في فضاء الخطاب النقدي العربي، ليس من خلال رواده ومن عمل على تجذير آلياته المنهجية في بيئة النقد العربي، ولكن عبر أحد أسماء الجيل الثاني ممن سعوا لترسيخه والإفادة من إطاره النظري وأدواته التحليلية في قراءة النصوص العربية، يتعلق الأمر بالناقد البحريني نادر كاظم.
المداخلة الثانية كانت للباحثة سارة الأحمر حول “النقد الثقافي وخطاب ما بعد الكولونيالية”، حيث ناقشت معالم النقد الثقافي في الخطاب الكولونيالي، المتشكل من مفاهيم القهر الاستعماري، الهيمنة وتسلط الدولة بالقبول، كما تطرقت الباحثة لمفهوم الأنا والآخر، ومفهوم ما بعد الكولونيالية وما بعد الاستقلال، بالإضافة إلى مفهوم الهامش والمركز. حيث اعتبرت أن هذه المفاهيم، هي التي جعلت الشرق يعيش ضمن قدر لا فكاك منه، محاصرة إياه في الهوية التي تختلط فيها القبيلة بالدين والعرق والموقع الجغرافي، ثم ثقافة والتهميش والتهجين، وأخيرا النظام السياسي القائم على استلاب الحرية.
من جهتها، تناولت الباحثة نهاد القزوي “إشكالات النقد الثقافي في العالم العربي، تحديد مفهوم النقد الثقافي، وأصوله المعرفية والفلسفية”، إضافة إلى المنجز العربي في هذا النقد الجديد، من خلال إبراز ماهية النقد الثقافي وسياق تكونه، وكيفية انخراط العرب في هذا المشروع، وآليات اشتغال النقد الثقافي.
أما المداخلة الرابعة فكانت للطالب الباحث محمد علمي في موضوع “النسق والنسق المضاد في السرد العربي القديم”، مبرزا كيفية تفاعل النقد الثقافي مع نماذج سردية سادت البيئة العربية قديما، تنتمي من حيث حقبتها الزمنية إلى العصرين الأموي والعباسي، بتبئير البحث على مؤلفين سرديين اثنين: الأول كتاب “البخلاء” للجاحظ، والثاني مؤلف “كليلة ودمنة” لمترجمه عبد الله بن المقفع. وهو بحث يستند إلى سؤال إشكالي أساس مفاده: أي قراءة ثقافية ممكنة لهذين المؤلفين؟
المداخلة الخامسة قدمها الطالب الباحث سعيد أوعبو تحت عنوان: “عبد الله إبراهيم واستراتيجيّة النّسق في النقد الثقافي”، حيث انطلق الباحث من عرض الانتساب المفاهيمي الجديد للرواية وأدوات تحليلها في الحقل الثقافي، وتعيين استراتيجية النّسق الذي ينتقل بالرّواية من مفاهيمها الكلاسيكية في تحليل الخطاب والنّص، صوب مفاهيم بديلة متجددة؛ ترتبط بأهميّة المشروع الثقافي لعبد الله إبراهيم، وطبيعة المرتكزات والمفاهيم المعتمدة من طرف الناقد، وعلاقتها بالاستراتيجية في النقد الثقافي، وذلك عبر الوقوف على المرتكزات الفكرية في المشروع الثقافي لعبد الله إبراهيم، ودراسة المفاهيم الثّقافية والمواضيع التّفاعلية في هذا المشروع، بالإضافة إلى تسليط الضوء على استراتيجة النّسق في مشروع عبد الله إبراهيم، وسؤال المنهج في المشروع النقدي الثقافي.
بعد ذلك تدخل الطالب الباحث أحمد الفتاشي في موضوع الأنساق الضدية في القصيدة العربية الجاهلية منطلقا من إشكالية تتمحور حول مدى قابلية المفاهيم التي اشتغل بها يوسف عليمات في كتابه “جماليات التحليل الثقافي”، محاولا الكشف عن الأنساق الثقافية التي اضمرها الشعر العربي الجاهلي تحت عباءة جوانبه الجمالية، مبرزا كيفية تلقي الناقد العربي النقد الثقافي تنظيرا وتطبيق، إلى جانب تحديد مفهوم النسق في النقد الثقافي والمفاهيم التي اشتغل بها يوسف عليمات في كتابه جماليات التحليل الثقافي ومدى مساهمته في تبئير الأنساق الثقافية التي أضمرها الشعر العربي الجاهلي.
وفي ختام هذه الندوة، تقدم الطالب الباحث عبد الصادق السراوي، بمداخلة عنونها بالنّقد الثّقافي في الخطاب النقدي العربي: قراءة في أطروحات عبد الله الغذّامي، حيث حاول الباحث تتبِّعِ النقد الثقافي باعتباره بديلا منهجِيا في الخطاب النّقدِي العربِي من خلال طرُوحات النّاقد عبد الله الغذّامي؛ بغية الوقوف على ما هية المَرجِعيّات المعرِفيّة التي بنَى عليها تصوّرَه، ثم تبيَّن معالمَ هذا التصوّر، وكيف اشتغل مشروع الغذّامي بوصفه منهجا واضحا يقوم على تفسِير الأنساق الثّقافيَّة، كما ركز الباحث على طروحاتِ الغذّامي خاصَّة باعتباره أحد رواد النّقد الثَّقافي في الخطاب النّقدي العربي من خلال مشروع واضح المعالم رغم ما يؤخذ عليه، مبرزا معالم النقد الثّقافي في طروحات الغذّامي، والمرجعيّات المعرفية لطروحات الغذّامي، إلى جانب طبيعة المنهج.
وقبل إسدال الستار على أشغال هذه الندوة العلمية، تقدم مسير الجلسة بالشكر إلى الطلبة الباحثين وإلى اللجنة العلمية التي ساهمت في إنجاح هذا اللقاء، كل من مدير مختبر السرديات والخطابات الثقافية وذ/ محمد بوعزة، وذ/إبراهيم أزوغ.