الشن الطن خصوم الوحدة النقابية ما في القنافذ أملس
كل من يأتي الفضاء الأزرق متخف، فهو جبان. وكل من يطلق لسانه، بقبيح اللفظ والتجريح في ذوات غيره، فهو بكل المقاييس نذل.
من يدعي النضال العمالي وقد اجتمعت فيه هذه الصفات، صار شيطانا.
الشياطيين لا تمارس النقابة ضمن المؤسسات وفي واضحة النهار، بل تختار غرف الدردشة بين مجموعات يؤطرها، جاهل متمرس حربائي يجيد التخفي كالحريم القديم، خلف أسوار الشاشات، وبعدها يصير مفتيا رديئا، ضعيفا في مسكن بيت العنكبوت.
النقابة تفرض وجود ثوابت وقيم، فالاتحاد المغربي للشغل، علمني في وقت مبكر أن النضال النقابي هو تحرير من كل أنواع الحجر وتحرير العقل والفكر ومناهضة الاستغلال وهي قيم إنسانية تقدمية، لكن كيف ترقى إلى هذا المستوى إن لم تكن مستقلا، النقابة الذيلية لحزب تستخدم بالضرورة العاملات والعمال، للمفاوضات السياسية ، تضغط بهم إن لم نقل تساوم لتحصين مواقع ومكاسب سياسية.
من لم يتعلموا الاستقلالية كمبدأ من المنطلق يظلون في كل تحركاتهم أسرى أجندات الآخرين. ولا يقوون على اتخاذ القرار للتمرد على هذا الوضع، وبالتالي فهم ليسوا أحرارا للدفاع الحرية.
غير الحر لا يؤمن بالديمقراطية، لأنه بكل بساطة لا يعرفها ولا يتوق لامتلاكها، وليس له إدراك في الحسم بين الخيارات المتوافرة بالاستناد لمنطق موازين القوى.
ولا يدرك أن المطالب كثيرة وهي أساس وجود العمل النقابي منذ النشأة، لكن تغليب مصلحة العمال إن جاء مكسب أو اثنين، شد عليهما بالنواجد لتستمر المعركة الكبرى من أجل الحرية كقيمة جبل عليها الإنسان.
أن تكون ديمقراطيا، تتلاقى مع إخوانك في نفس الهدف والمصلحة وحين تغيب الديمقراطية في القرار، تتبدد الأهداف الحقيقية ويصبح الإنسان انتحاريا يتسلق الجسر في الشارع العمومي ويشهد الكاميرات على هذا السلوك المتخلف.
محاولة التهديد بآلية الانتحار يؤكد أنه قرار فردي ويؤكد أنه قرار لا يحترم الحق في الحياة، إنه فقط غير إنساني.
إن طبيعة المواجهة مع المشغل، الذي ينحاز إليه القانون وثقافة المجتمع الطبقي وتعطيه كل المبررات للمزيد من الاستغلال، لا يمكن التصدي له إلا في إطار الوحدة والتضامن. الوحدة هي الذرع والقوة الضاربة في المعارك.
تعلمت في الجامعة الوطنية للتكوين المهني منذ ثلاثة عقود. أننا حين نتوحد من شمال المملكة إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها في كل المؤسسات، نخضع الإدارة للجلوس إلى مائدة التفاوض، ندا لند وبعدها تأتي البشائر في الأجر في ظروف العمل في التغطية الصحية في الإفراج عن الترقيات في انتزاع احترام الكرامة والحد من سلط المتجبرين. مهما عشنا من إنجازات، المسيرة النضالية لم تتوقف داخل منظمتنا الاتحاد المغربي للشغل، الدماء تتجدد يرحل جيل ويأتي آخر.
النضال العمالي مدرسة، تنتج الثقافة العمالية ذات جذور فلسفية في الفكر الفلسفي الاشتراكي وحركات التحرر العمالي في كل بقاع العالم والمواجهة المستمرة مع الفكر البرجوازي والشراسة الامبريالية.
في كل مرة أتصدى لبعض القنافذ، لم أجد فيهم أملسا، قاسمهم المشترك أنهم لا يجيدون وظائفهم، التي وجدوا من أجلها وينالون أجورا من المالية عليها، ويظنون أن النضال النقابي مرتبط بإنتاج خطاب بئيس لا يسمن ولا يغني من جوع ، فقط يكسبون ثمنا قليلا بكل قيم التحايل.