التشكيلي حسن السلكي سيرة فنان نسج الجمال في لوحات جاذبية
يعتبر الفنان التشكيلي حسن السلكي، من عمداء الفن التشكيلي بالمغرب وأحد فرسان التجريدية الواقعية، عاش طفولته في مدينة اليوسفية الجميلة، تربى في أحضانها وبين ظهرانيها، وبها درس السلك الابتدائي، هناك اكتشف موهبته وفطرته في الرسم وهو في السابعة من عمره، حيث وجد مناخا فنيا أكثر ألفة ورحابة بمباركة معلميه الذين اكتشفوا موهبته في رسم البورتريهات والجداريات، فأخذ منهم تقنيتهم في التعامل مع الألوان ومزجها، وتمثيل دواخل الشخوص والتدقيق فيها بالملموس، يمكن ملاحظة الأمر من خلال لوحاته الجميلة التي تحتضن شخصا عاديا بوجه حزين، بفعل تلك العتمة التي أرادها الفنان أن تكون عبارة عن قناع لإخفاء وجهه، لكن لا تظهر عليه علامات التذمر، فهو دائما يبحث عن الأمل المفقود رغم قساوة الحياة التي ترعرع فيها، وهذا واضح للمتتبع بفعل الألوان القاتمة، التي يصنعها لون التراب، يبدو وكأنه عرق يسيطر بكثرة على مساحة اللوحة، كما يخرج اللون الأصفر مشعا من الخلفية، مستمدا حرارته فقد حرص الفنان على أن تكون لوحاته كذلك ليجعل المتلقي يقاسمه ما يحس به.
أعمال الفنان حسن السلكي، في حد ذاتها تشكل مؤسسة ذات طوابق عالية وشاهقة يصعب في الحقيقة ولوجها بسهولة، هي تجربة لفنان متواضع رزين الذي يُحضر الجمال والفرجة البصرية في لوحاته، من خلالها خلق الوعي النظري والمعرفي بالنسبة للمهتمين بالتشكيل والممارسين له والرقي بأعماله إلى حيث انعطفت الحياة الفنية نحو نظريات العلم التي ترقى بالتشكيل إلى أسمى قمم الخلق والإبداع، في لوحاته أشكال متعبة في الحياة ووجوه أظناها الواقع وأحلام هاربة حينا وتبحث عن الفرح حينا آخر، ألوان تعكس الغموض والحلم والتمرد والهدوء والصخب والحياة، وبين رؤى الواقع والتعبير والتجريد تغدو لوحاته عالم بلا حدود بألوان ترابية قاتمة ومشعة رغم الحزن وأشكال متناهية كأنك في حلم عميق بين أمواج هادرة، لوحات السلكي، تجردها الألوان لتغدو كرجل تائه وسط الأمواج نتيجة الدقة في استخدام اللون، لتعطي للمتلقي أبعاد عصرية مختلفة الفكر والجمال والإحساس .
يعيش الفنان حسن السلكي، على أمل خلق الفضاءات الساحرة من خلال رسوماته الابداعية، لوحاته تتحرك في عالمه السحري تحت رعاية الفنان الكامن في داخله، يوصل صرخاته وهمساته إلى مسامع المشاهدين عبر رسوماته بتلميح كبير، وهو يتمتع بحواس فنية كاملة إن لم تكن زائدة، لذلك يستطيع أن يحول صمت اللوحة إلى نبرات ناطقة عبر خلجات الذات، وهذا ما تم بالفعل في مجموعة من لوحاته التي سيتم عرضها في القريب، فهو يتطلع إلى الجمال في أكمل معانيه وأسمى صوره، له أسلوبه الخاص في الرسم ويدأب دائما في البحث عن الجديد .
في تجربة الفنان حسن السلكي، أطوار مسيرة لفنان كبير يحتفي برسوماته التي هي بمثابة عائلته الصغيرة، ويتناغم مع إيقاعها ويسعد بها الآخرين عبر العناصر والتفاصيل والأشياء الجميلة التي تحتويها، فالفن بالنسبة للسلكي، هو هذا الذهاب عميقا في المغامرة الجمالية المعنية بما يحتاجه الناس في شؤونهم وشجونهم.
حسن السلكي، أكد أن همه في حياته الفنية الطويلة المليئة بالتجارب هو جمع رصيده الفني حتى يتم توثيقه وإشعاعه واكتشاف ما ترسمه أنامله للأجيال القادمة٬ كما أن خبرته في المجال قد تغني الرصيد الثقافي للفن التشيكلي بالمغرب .
أبي كم من الفخر ينتابني عندما أتبع إسمي بإسمك.