افتتاحية مجلة 24: موت ابن كيران السياسي الشعبوي
عرف الفكر الشعبوي أوجه مع الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته السيد ترامب، وكلنا لازال يتذكر خرجات هذا الرئيس الشعبوي، ومناوراته اليائسة في التشكك في الديمقراطية الأمريكية ، ونتائج الاقتراعات الرئاسية التي حملت السيد بايدن كرئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية.
كلنا لا زال يتذكر كيف حشد ترامب بعض الفوضيين من أنصاره لإثارة الفتنة، وكيف تصدى الأمريكيون لهذه الانزلاقات بقوة، وجعل المجتمع الأمريكي برمته لا يتنازع في نتائج الاقتراع.
هذا الاتجاه الشعبوي خير من مثله ولعقدين من الزمن ببلادنا، هو السيد عبد الإله بن كيران، كيف كان يصنع الخرجات بلسانه الطويل على الجميع، ولم يسلم حتى رجال التعليم من أذاه حين وصفهم دون حياء ب(الكراد) الذي يلتصق برقاب الكلاب، كانت الصورة بشعة بشاعة المواقف السيئة الذكر، التي دافع عنها بن كيران بقوة وناور بأغلبيته لفرضها على البسطاء، كالاعتداء على تقاعد الموظفين وفرض نظام التعاقد على الشباب في البدايات الأولى لمساراتهم الوظيفية وكيف هيأ المناخ للدفاع عن خوصصة الصحة وكيف جمد التشغيل والأجور والعمل على ارتفاع تكاليف الحياة.
ولولا ألطاف الله وما حملته جائحة كوفيد من دورس في الأمن الصحي واعتبار قطاع الصحة قطاعا استراتيجيا لا يجوز تفويته كبضاعة للخواص للمزايدة والمتاجرة به في أوضاع الناس الصحية.
هذا الشعبوي في لحظات موته السياسي، لم يسلم المغاربة ومعهم مشهدنا السياسي من قفشاته التي بلغت أوجها بكتابته للرسالة المعلومة على ورق مطوي وبخط رديء، يهدد فيها بالاستقالة من الحزب إن صادق على مشروع قانون تقنيين القنب الهندي. لكن مشاء الله فعل. تمت المصادقة على المشروع، ولا يتسع المقام لذكر محاسنه على الاقتصاد المغربي التي لا يستحضرها الشعبوي ابن كيران، الذي تمادى في تهديده بالتوجه لمقاطعة إخوانه الوزراء في حكومة السيد العثماني ولم يأت بأي إشارة لمقاطعة الوزيرات اللواتي بنظرته الذكورية يتجاهل وجودهن كما يفعل فقهاء الظلام.
ابن كيران لم يذهب بمواقفه الشعبوية إلى محطتها الأخيرة، كان عليه أن يكون شجاعا ويطلب من عاهل البلاد أن يتراجع عن ذلك الأجر السمين الذي عطفت به عليه الأعتاب الشريفة، لأنه لم يكن كريما ويغض الطرف عما بدا له فيه سوأة .
كانت الشجاعة والمروءة تقتضي كذا موقف، والانسحاب بصمت من المشهد السياسي، كما يفعل الحكماء ورجالات الدولة المتشبعين بالروح الوطنية والذين لا يرغبون في إثارة الفتن بين الناس.
ابن كيران لم يعلم بعد، أن مرحلته انتهت وكان عليه استخلاص الدروس من تجربة ترامب الذي لم يعد يذكره التاريخ سوى بالسوء.