افتتاحية مجلة 24: الرد السياسي عن رسالة الأستاذ الرميد

افتتاحية مجلة 24: الرد السياسي عن رسالة الأستاذ الرميد
بقلم فؤاد الجعيدي

لا يسعني إنسانيا وفي ظل الظروف الصحية التي يجتازها الأستاذ الرميد، إلا أن أتمنى له الصحة والعافية والشفاء العاجل.
لكن سياسيا ما كان للرجل، وفي ظل الظروف التي تجتاز البلاد، أن يقدم على طلب الاستقالة، فعاهل البلاد محمد السادس، أعطى المثال القوي، لم يتخل عن أمانته الدستورية في ظل ظروف صحية خضع معها لعمليات جراحية، شدت أنفاس كل المغاربة لما يكنونه من محبة لأمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، حفظه الله بما حفظ به المتاني السبع.
طلب الاستقالة لدى الأستاذ الرميد، أتى في سياق أحداث، لم يكن من الصعب فك شفراتها ، على مستوى مواقف حزب العدالة والتنمية الذي تعددت خرجات مسؤوليه، في محاولات متعددة للتملص من مسؤولياتهم على مدى عقدين من التدبير السياسي والذي كان بكل المقاييس فاشلا.
الفشل بين ما سوق إبان صعود نجمهم في الساحة السياسة، وتحكمهم في مفاصل القرارات، ووعودهم أن يجعلوا أحوال المواطنين تعرف تحسنا في أوضاعهم المعيشية، لكن النتائج أتت على النقيض حيث ارتفعت تكاليف الحياة واكتوى من نارها الضعفاء والبسطاء.
كان من باب الأخلاق السياسية، أن لا يهرع هؤلاء الصقور إلى الاستنجاد بالهروب وتفضيل الاستقالات على المحاسبة، وهي مقولة أساسية في الفكر والأعراف الديمقراطية. والواجب يقتضي استكمال أشواط اللعبة إلى آخرها والرضى بالنتائج المرتقبة.
لم تكن مواقف حزب العدالة والتنمية واضحة في يوم من الأيام، حيث فضلوا اللبس في المواقف بين مسؤولياتهم الحكومية، والحزبية وظلوا يدافعون عن مواقعهم أكثر من دفاعهم عن المصالح العليا للوطن.
فتصريح وزير الشغل من مسألة التطبيع مع دولة إسرائيل، خير معبر أمين عن هذه الازدواجية غير المسؤولة، يصرح لقناة إيرانية أنه ضد التطبيع ضد التزامات الدولة المغربية وحكومتها. هذا موقف صبياني من شاب لم يكن يتحلى بالحنكة السياسية التي تتطلبها المسؤولية.
حزب العدالة والتنمية لم يفرق أنه كان يترأس حكومة لكل المغاربة، وانساق إلى الدفاع عن زاوية الشيوخ وأهوائهم. في حين أن ما يهم البلد يسمو عن الرؤى الحزبية الضيقة.
هذا النهج تأتي رسالة الأمين العام عبد الإله بنكيران لتكون خير معبر أمين على التوجه المتحكم في حزب العدالة والتنمية، هي مصالحه الضيقة والأنانية على حساب المصالح الحيوية للأمة المغربية.
السيد بنكيران يلوح بالتهديد أنه في حالة تصويت نواب حزبه على مشروع تقنين ( الكيف ) سيستقيل من الحزب ومن الحياة السياسية. هذا الموقف يوحي في ظن صاحبه أن الحياة السياسية في البلد مرتبطة بهذا الرجل الذي لم يستوعب الرسائل التي وجهت له سواء بالإقالة من رئاسة الحكومة أو منحة هبة شهرية بالملايين، على أساس أن يخلد للوعظ والإرشاد مهنته الأولى التي ذرت عليه كسبا مربحا، وأعاد تبني وظيفته حين استقبل مؤخرا مريديه من الذرع النقابي للعدالة والتنمية، وحديثه الفقهي لهم دون القدرة على تقليب مواجع الطبقة العاملة التي أوجدوا ذرعا ليس للدفاع عنها بل السعي لتكبيلها وجرها للمعترك السياسي للاستفادة فقط من أصواتها ثم نحرها دون شفقة ولا رحمة. ربنا لا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا يا أرحم الراحمين.
للتاريخ تقنين زراعة القنب الهندي، كان موضوع حوار للراحل جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله تراه، وكان له في الموضوع رأيا واضحا وشفافا، لكن الأوضاع السياسية الدولية والصراع بين الكتلتين الشرقية والغربية، لم يساعد المغرب في الانتصار، لكن اليوم تغيرت المعطيات كثيرا حيث تمكنت البلاد من استرداد العلاقة المؤثرة وبناء تحالفات تتوجه في الأساس للدفاع عن مصالحها الاقتصادية بقوة، ومن يقف ضد خيارات المغرب اليوم فهو يحن في عمق مواقفه لأن نظل شعبا متخلفا وشعبا هشا وجاهلا، تسهل فيه مأمورية القوى المناهضة للتقدم الاجتماعي والثراء الاقتصادي ، على تفريخ مريديها للتحكم في رقاب الناس بفتاوي اليأس والجمود العقائدي.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *