افتتاحية مجلة 24: اختلالات العدالة الاجتماعية لدى الأجراء بالمغرب
اليوم يواجه المغرب، على الأقل على مستوى الإرادة الملكية، وبكل الوضح المطلوب، الخصاص المهول في الحماية الاجتماعية، التي ستؤمن للناس، على الأقل الحدود الدنيا لمواجهة صعاب الحياة، في منحدر العمر، الاتحاد المغربي منذ نشأته، كأول تنظيم عمالي بالمغرب، يعود له الفضل، في طرح وتبني أنظمة الحماية الاجتماعية لدى الطبقة العاملة، ويتوق اليوم عبر النضال اليومي، والمؤسساتي للدفع خطوات إلى الأمام، بهذه الأنظمة وتطويرها، لتمتد إلى الفئات المحرومة، التي لا تمكنها أوضاعها الاجتماعية من أي ضمانات للولوج للخدمات العلاجية والاستشفائية، والتمتع بالتقاعد في مراحل انتهاء النشاط المهني.
وإن كان هذا الاتجاه، اليوم في المغرب، يعرف حضورا على مستوى الترافع، عند التنظيمات العمالية، فإنه على ما يبدو لا يحظى بنفس الأهمية، لدى الفرقاء السياسيين، لاعتبارات على الأقل تتمظهر في التنافس السياسي، نحو الاستحقاقات الانتخابية القادمة.
هذه التنظيمات السياسية كان لبعضها، أن لا تحرك بعضا من مواقفها، لما جرى الحديث حول ضرورات إصلاح أنظمة التقاعد، نحو مزيد من العدالة الاجتماعية، وتقليص التباينات بين الصناديق، حيث أن بعضها يعمل على الأخذ في احتساب المعاش، على متوسط الحياة المهنية للأجير وبعضها الأخر يأخذ في هذا الاحتساب الثماني سنوات الأخيرة.
لقد كان جوهر الموقف من التداول في مدخرات العمال، هو الالتفاف على احتياطاتهم، ومراجعتها وفي ظروف ارتفعت فيها تكاليف الحياة الاجتماعية، أمام الزيادات المتوالية في كلفتها، وسوقت الحكومة التي يشكل حزب العدالة والتنمية، عمودها الفقري، أنها تستهدف إعادة التوازنات المالية للصناديق، التي تعرفت مشاكل في احتياطاتها، وتم التسويق لمخاوف، أنها ستنتهي أزمتها بعدم القدرة على ضمان استمرارية تأدية المعاشات.
هذه الرؤية التجزيئية لقضية الإصلاح الشامل، تم إقبارها وبالتالي صار الوضع بين الأجراء غير قابل للتفسير، وغير ضامن للعدالة. حيث نرى معاشات تختلف على أخرى، صناديق توزع البؤس على منخرطيها وأخرى تؤمن العيش لزبنائها، علما أن الجميع ساهم في نشاطه المهني لخدمة المرفق العمومي، والشبه العمومي بنفس الدرجة من العطاء والجهد المبذول.
لقد حان الوقت للجميع، فرقاء اجتماعيون وسياسيون، لتجاوز التلكؤ الذي استمر لسنوات، والإسراع بوضع إشكالية التقاعد على مائدة التفاوض البناء، وليس استخدام القضية للتراضي السياسي، كما وقع في عمليات التصويت على تمديد فترة العمل خارج سنة الستين والرفع من واجب انخراط الأجراء للحصول على أجر أقل من سابقيهم في نفس الوظائف.