افتتاحية مجلة 24: التخوين
كلمة التخوين، جاءت وهما مقابلا للتطبيع، وفي الواقع لا أثر لها في حياة المواطنين، المنشغلين والمهمومين بمصادر البحث عن الرزق.
الذين اختاروا الاصطفاف في جبهة صغيرة، ورفع الشعارات التخوين أساؤوا التقدير للأولويات.
العديد من الأنظمة والحكومات والمنظمات، منها من اختار التطبيع السري، ومنهم من أعلن جهرا عن التطبيع مع دولة اسرائيل، والتطبيع كانت له تمظهرات في المبادلات التجارية والتي لم تتوقف إمداداتها. غير هناك من رأى في استخدام شعارات مناهضة التطبيع، حرفة لممارسة السياسية وحشد الناس بالشعارات، وليس التواجد اليومي في المعارك الحقيقية ضد الجور الاجتماعي ومساعدة الناس على تطوير وعيهم بشروط النضال المسؤول، لتغيير هذا الواقع والانتقال به لتعميم خيراته وليس الركون للتفرج على سوء توزيع مصادر الثروة.
اليوم اختار المغرب العودة بالعلاقة مع اسرائيل، لتكن لأهل السياسة الجرأة للحديث إلى الناس، أن جزءا كبيرا من الفلسطينيين، يسعى بالنضال والكفاح السياسي، ومنذ الراحل ياسر عرفات لتحصيل الاعتراف الكامل، من الدولة العبرية بالحقوق الفلسطينية، في العيش الآمن جنبا لجنب مع اليهود. وهو الاتجاه العام الذي تبذل فيه الجهود، والمساعي الدولية وتشارك في أطراف متعددة. ولا بديل عن هذا الخيار، لشعب عاش مآسي وانتكاسات ومؤامرات داخلية وخارجية، لكنه اليوم بلغ درجة النضج، لعدم ترك قضيته وقودا تتحرك به قوى دفاعا عن مصالحها.
القضية الفلسطينية، للفلسطينيين وكفاهم ممن اعتادوا الرهان عليها بالأناشيد والأغاني الثورية.
والتطبيع ما هو إلا مآل للتعايش، وأن هذا التعايش حاصل لجزء من الفلسطينيين داخل القدس، وأوضاعهم لا يمكن قياسها بالذين فرضت عليها الظروف والأحداث للعيش في الشتات، وتحت الخيام وكم طحنوا وفي أوقات من تاريخهم بأداة الإبادة من أنظمة عربية.
من يناهضون التطبيع اليوم، ويرفعون شعارات التخوين، يريدون لأنفسهم صفات الملائكة وغيرهم شياطين، لكن هذه التصورات الذاتية لا تسمن ولا تغني من جوع، ومثل هذه المواقف تتلاقى مع كنه وجوهر القوى الظلامية في تفسير الصراع، و ما تكونه عن اليهود من مواقف لعب فيها التاريخ العربي دورا لنسجها بأصول عدائية، لكن هذا التاريخ ننسى معه. أن تراثنا الوطني جزء من ذاكرته ترات اليهودي.