بيان رؤساء جماعات قروية بسطات: تضامن مؤسساتي أم انزلاق سياسي؟
في سابقة تثير أكثر من علامة استفهام، خرج بعض رؤساء الجماعات القروية بإقليم سطات ببيان استنكاري وتضامني مع المديرة الإقليمية للشركة الجهوية متعددة الخدمات، بيانٌ نزل على الرأي العام المحلي كقطعة غيم في غير موسمها، وفتح باب التساؤل العريض: هل انتهت مشاكل التنمية المحلية بالجماعات القروية حتى يتحول رؤساؤها إلى مناضلين في الدفاع عن مؤسسات وشركات خارج نطاق اختصاصهم الترابي والقانوني؟
بداية، وحتى لا يُفهم الكلام خارج سياقه، فالمقال لا يستهدف شخص المديرة الإقليمية، التي تشهد لها الأوساط المهنية بالجدية والكفاءة وحسن التدبير، كما أن ما جرى في الآونة الأخيرة لا يعدو أن يكون مناوشات سياسية عابرة، وسحابة صيف سرعان ما تفتت في سماء المدينة وانتهى أمرها دون حاجة إلى بيانات تضامن جماعية ولا اصطفافات مؤسساتية مثيرة للغرابة.
غير أن المفارقة الحقيقية تكمن في توقيت وخلفية هذا البيان، خصوصاً وأن المجتمع المدني سبق له، وبصوت مرتفع، أن طالب بإصلاح عدد من الشوارع التي ظهرت بها غيوب واختلالات مباشرة بعد انتهاء الأشغال المنجزة من طرف الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بالشاوية سابقاً. وبصفتنا الصحفية، وبعد تحرٍّ ميداني، أكدت لنا مصادر موثوقة أن عدداً من المشاريع لم يتم تسليمها بشكل نهائي، وأن مدة الضمان القانونية لم تنته بعد، ما يجعل مسؤولية إعادة الأمور إلى ما كانت عليه وإصلاح الأضرار قائمة ومعلقة في ذمة الشركات المكلفة بالأشغال، وليس في ذمة الساكنة ولا المجتمع المدني ولا الإعلام.
ورغم كل ذلك، اختار رؤساء جماعات قروية، تعاني أغلبها من أعطاب بنيوية وفشل مزمن في الإقلاع التنموي، الخروج ببيان لا للدفاع عن مطالب الساكنة، ولا للضغط من أجل إصلاح الطرق والمسالك، بل لتوجيه أصابع الاتهام إلى المجتمع المدني والإعلام ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، ليس على مستوى الإقليم، بل فقط داخل المدينة. وهنا يُطرح السؤال الجوهري: ما هكذا تورد الإبل يا رؤساء الجماعات القروية.
فهل يندرج هذا البيان التضامني ضمن الاختصاصات المخولة لرؤساء الجماعات وفق القانون التنظيمي للجماعات الترابية؟ أم أننا أمام انزلاق سياسي ومؤسساتي خطير، يتم فيه توظيف الصفة التمثيلية للجماعات في معارك لا علاقة لها بالتدبير المحلي ولا بالتنمية، بل قد تساهم، عن قصد أو غير قصد، في خلق احتقان اجتماعي غير محسوب العواقب؟
إن ما وقع لا يمكن اعتباره مجرد موقف عابر، بل سابقة تستدعي الوقوف عندها بجدية، خصوصاً حين يتحول بعض المنتخبين من خدام للشأن المحلي إلى حرّاس بوابة الصمت، يهاجمون الإعلام بدل مساءلة الشركات، ويصطفون ضد المجتمع المدني بدل الإنصات لنبض الشارع.
وأمام هذا الانزلاق، يصبح من المشروع، بل من الضروري، أن تفتح وزارة الداخلية تحقيقاً في خلفيات هذا البيان ودوافعه، تحت إشراف السيد عامل إقليم سطات محمد حبوها، ليس بهدف التصعيد، ولكن حماية للسلم الاجتماعي، وصوناً لوظيفة المنتخب القروي، وضبطاً للبوصلة حتى لا تختلط الأدوار، ولا تتحول الجماعات الترابية إلى منصات بيانات خارج سياقها القانوني والتنموي.
فالساكنة، ببساطة، لا تنتظر بيانات تضامن، بل تنتظر طرقاً بلا حفر، وتنمية بلا أعذار، ومسؤولين يفهمون أن النقد ليس جريمة، وأن الإعلام ليس عدواً، وأن البيان الحقيقي هو ذاك الذي يُكتب على أرض الواقع، لا على ورق التضامن المناسباتي.
ملحوظة : هل هذا البيان في علم مدير قسم الجماعات المحلية بعمالة سطات

