حين تتكلم البيانات بذكاء…الفيدرالي الأميركي يرسم مستقبله بخوارزميات متقدمة
في خضم غياب بيانات حكوميةٍ مهمة بسبب تعطّل مؤسّسات الإحصاء، لجأت لجنة الإحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى مزيجٍ من الأدوات التقليدية و المعطيات الحديثة لتقييم ديناميكية الإقتصاد. فبينما ظلت مسوح الأعمال و البطالة ذات الموثوقية العالية تُشكّل قاعدة أساسية، أسهمت بيانات خاصة مثل فرص العمل المنشورة على الإنترنت، و تتبع إنتشار الهواتف المحمولة، و تحليل معنويات الأعمال التي تعتمد على الذكاء الإصطناعي في إعطاء صورة أكثر لحظية.
و على الرغم من أن هذه المصادر الجديدة لا تحلّ مكان المؤشرات الحكومية الرسمية – التي تُعدّ معياراً تاريخياً لمقارنة الأداء الإقتصادي – فقد أعطت صانعي السياسة إمكانية الحفاظ على “قراءة” مقبولة للإقتصاد قبل إجتماعهم الأخير. على سبيل المثال، إستعملت فرع أتلانتا في الإحتياطي الفيدرالي بيانات مسح مدراء الشركات لمراجعة التوقعات الإدارية السابقة، و وجدت أنها كانت “تقارب عن كثب” النمو و الإنتاج لاحقاً.
لكن هذا النهج ليس خالياً من التحدّيات : فبينما تُوفّر السجلات الحكومية تمثيلاً واسعاً و دقيقاً للجغرافيا و المجموعات السكانية، فإن البيانات البديلة غالباً ما تفتقر إلى هذا العمق التاريخي أو الشمولي. و مع ذلك، خلال حالة تعطل جزئي لجداول المؤشرات – مثل الانتاج أو البطالة – صارت البدائل “الآن” ضرورية أكثر من أي وقت مضى.
من جهة أخرى، أشار مسؤولو الإحتياطي الفيدرالي إلى أن الإستماع المباشر إلى رجال الأعمال و العمال يُشكّل “المونة” التي تملأ فراغ الأرقام.
هذا يشير إلى أن السياسة النقدية لم تعد تعتمد فقط على “ما تقوله الأرقام” بل أيضاً على “ما ترويه المؤشرات الحيّة”.
في المجمل، تبدو الإستراتيجية الحالية للإحتياطي الفيدرالي الأكثر إتساعاً في مصادرها و أكثر مرونة في أدواتها، و هي تسعى من خلالها تجنّب أن تكون “وراء المنحنى” حين تتغيّر ظروف الإقتصاد بسرعة.

