نجاح المسار التفاوضي لإعلان الدوحة يعكس الدور الريادي والمسؤول للمغرب
أكد كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي، عبد الجبار الرشيدي، اليوم الخميس بالدوحة، أن نجاح المسار التفاوضي لإعلان الدوحة التاريخي، المنبثق عن القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية، “يعكس الدور الريادي والمسؤول للمملكة المغربية في قيادة المفاوضات الحكومية الدولية المتعلقة بهذا الإعلان إلى جانب مملكة بلجيكا”.
وقال الرشيدي، في كلمة باسم المملكة المغربية في القمة العالمية التي تستضيفها دولة قطر (4-6 نونبر الجاري)، إن نجاح المفاوضات، التي تميزت بالشفافية والمصداقية والموضوعية، يؤكد التزام المملكة الثابت بتعزيز روح التوافق وترسيخ التضامن الدولي، وتوطيد الشراكات البناءة من أجل تحقيق تنمية اجتماعية شاملة، منصفة ومستدامة.
وبعد أن جدد التأكيد على ترحيب المملكة باعتماد إعلان الدوحة السياسي، والذي اضطلعت بدور محوري في تيسير مسار صياغته إلى جانب مملكة بلجيكا، ذكر السيد الرشيدي بانخراط المغرب، “بعزم وفعالية”، في الإعداد لهذه القمة الدولية، من خلال مشاركته في اللقاءات الدولية والإقليمية وعبر تنظيمه لورشات وطنية موسعة بشراكة مع منظومة الأمم المتحدة والقطاعات الحكومية، والمجتمع المدني.
وقد سعت المملكة من خلال ذلك، يؤكد السيد الرشيدي، إلى بلورة رؤية وطنية موحدة تجعل التنمية البشرية والعدالة الاجتماعية في صلب السياسات العمومية الموجهة للفئات الهشة، مع التركيز على تمكين النساء وإدماج الشباب وإعطاء عناية خاصة للمناطق القروية والجبلية.
كما أبرز كاتب الدولة أن هذه القمة التي احتضنتها الدوحة، بعد ثلاثة عقود من القمة العالمية الأولى (مارس 1995) بكوبنهاغن، كانت “فرصة لتأكيد التزام المملكة المغربية الراسخ بأجندة التنمية المستدامة لعام 2030، باعتبارها خارطة طريق نحو مستقبل أكثر إنصافا وكرامة للبشرية”.
وفي هذا السياق، جدد التزام المملكة الثابت بمبادئ العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة والمساواة بين الجنسين وبالشعار العالمي “حتى لا يبقى أحد خلف الركب”، مشددا على أن المملكة على يقين بأن التعاون الدولي وتبادل الخبرات بين الدول، يمثلان عاملا جوهريا لتجاوز التحديات المشتركة، وتعزيز التكامل بين السياسات الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق أثر ملموس على المجتمعات.
كما أكد التزام المملكة الراسخ بدعم التنمية الاجتماعية الشاملة والعادلة، وحرصها الدائم على الإسهام الفاعل في الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز أبعادها الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية، مشددا على أن هذا التوجه يندرج ضمن الرؤية السديدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، التي تروم فتح وتوسيع آفاق الإدماج.
وذكر، في هذا الإطار، بمضمون خطاب جلالة الملك الأخير الموجه إلى البرلمان، والذي أكد فيه جلالته فتح الباب، من خلال الديناميات التي أطلقها جلالته، أمام تحقيق عدالة اجتماعية ومجالية أكبر، بما يضمن استفادة الجميع من ثمار النمو، وتكافؤ الفرص بين أبناء المغرب الموحد في مختلف الحقوق.
وتتجلى هذه الدينامية، يوضح المسؤول، في إطلاق ورش الدولة الاجتماعية من خلال تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض والتعويضات العائلية وكذا إطلاق “نظام الدعم المالي المباشر” وتوسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل.
وتابع أن هذا الورش يشمل أيضا دعم السكن للفئات في وضعية هشاشة والطبقة الوسطى وتعزيز المساعدة الاجتماعية؛ وتطوير مهن الرعاية والعمل الاجتماعي، وإطلاق سياسات عمومية لفائدة الأطفال والمسنين والأشخاص في وضعية إعاقة من خلال منظومة متكاملة لتحسين الاستهداف وتتبع الأثر.
وأشار إلى أنه، واعتبارا للدور الذي تلعبه الأسر في تعزيز التماسك الاجتماعي، تمت بلورة سياسة أسرية اجتماعية في أفق 2035 داعمة للحقوق منها ورش مهيكل مواكب لورش الحماية الاجتماعية، واعتماد سياسات وطنية لترسيخ مبدأ المساواة بين النساء والرجال في مختلف المجالات وتعزيز حماية النساء من مختلف أشكال التمييز.
وقال إنه رغم السياق الدولي الذي يغلب عليه اللايقين واقتصاد عالمي يجد صعوبة في استعادة عافيته في ظل التوترات الجيوسياسية والسياق الوطني الموسوم بتوالي سنوات الجفاف، تواصل المملكة جهودها حيث تم تحقيق عدد من المكاسب الاجتماعية.
وأضاف أن المملكة المغربية، بتوجيهات من جلالة الملك، نهجت هذه السنة جيلا جديدا من برامج التنمية الترابية المندمجة، إضافة إلى الرفع الملحوظ من ميزانيتي التعليم والصحة، وخلق فرص شغل واسعة لتعزيز الإدماج الاقتصادي للشباب والنساء، وتقليص الفوارق المجالية.
كما تواصل المملكة جهودها من أجل مواجهة بعض التحديات الراهنة، من قبيل العمل غير المهيكل، الذي دخل اليوم، يؤكد السيد الرشيدي، منعطفا جديدا مع قانون المالية 2026، والذي جاء بتدابير مهمة من أجل إدراجه ضمن العمل المنظم.
ولفت كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي إلى إطلاق ورش الرعاية والتكفل بالغير والذي سوف يعزز الخدمات الموجهة للأشخاص المحتاجين للرعاية، ويفتح آفاقا جديدة للشغل.
وقد توجت القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية، التي انعقدت تحت شعار “معا من أجل تنمية اجتماعية شاملة ومستدامة” بـ “إعلان الدوحة السياسي” الذي أكد على الالتزام بتعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، وتوفير العمل اللائق للجميع.
وعرفت القمة مشاركة ممثلي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وممثلي مؤسسات ومنظمات إقليمية ودولية.
ومثل المغرب في هذا الحدث العالمي البارز وفد يتكون، بالإضافة إلى كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي، عبد الجبار الرشيدي، كل من السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة بنيويورك، عمر هلال، وسفير جلالة الملك في قطر، محمد ستري.

