صفقة المعادن النادرة تُعيد تشكيل الخريطة : ترامب و آلبانيز يكسران هيمنة الصين

صفقة المعادن النادرة تُعيد تشكيل الخريطة : ترامب و آلبانيز يكسران هيمنة الصين

في خطوة إستراتيجية قد تغيّر ميزان القوى في سلاسل التوريد العالمية، وضع الرئيس الأميركي Donald Trump و رئيس الوزراء الأسترالي Anthony Albanese أمس الأحد توقيعاتهما على إتفاق تبلغ قيمته حوالي 8.5 مليار دولار بين الولايات المتحدة و إستراليا، لتمهيد مسار مشترك لإستخراج و معالجة المعادن الحرجة التي تتهافت عليها القطاعات التقنية و الدفاعية. 

هذه الصفقة ليست مجرد غاز تجاري عابر، بل إعلان واضح بأن البلدين يمدان يد التعاون لقطع الإعتماد – أو على الأقل لتخفيف الإعتماد – عن الصين التي تسيطر على مقدّمات صناعة المغناطيسات و المعادن النادرة المستخدمة في السيارات الكهربائية و الأقمار الصناعية و أنظمة الدفاع.  

من أبرز بنود الإتفاق : ضخ إستثمارات فورية مشتركة، تسريع تراخيص مشاريع التعدين و المعالجة في إستراليا، و تحديد سقوف سعرية للمعادن لضمان إستقرار السوق أمام أي تحركات إستفزازية من جانب الصين. 

هذا الديناميك الجديد يحمل رسائل عدّة : أولاً، أن واشنطن تعتبر أمن الإمداد بهذه المواد الأساسية مطلباً إستراتيجياً لا يقل أهمية عن الأسلحة النووية، و ثانياً أن كانبيرا لم تعد مكتفية بدور مورّد خامات بل ترغب في أن تكون شريكاً صناعياً أوّل عبر المعالجة و التصنيع، و ثالثاً، أن الصين التي لطالما إعتُبرت «مصدر العالم» للمغناطيسات و المعادن الحرجة، قد تُواجه للمرة الأولى منافسة منظمة من الشرق الغربي.

في هذا المشهد، لا تتلاقى مصالح الإقتصادات فحسب، بل تتطابق أهداف الأمن القومي: ضمن التحالف المعروف بـ AUKUS الذي يضم الولايات المتحدة، أستراليا و المملكة المتحدة، تأتي الصفقة كترجمة أثرية لإستراتيجية طويلة الأمد في المحيطين الهندي و الهادئ. 

لكن السؤال الآن : إلى أي مدى يمكن لأستراليا تنفيذ هذا الإتفاق بسرعة ؟ و مع أي مخاطر ؟ فالمعادن الحرجة تحتاج بنية تحتية ضخمة و معالجة متقدمة، بينما الصين تمتدك لنحو 70 % من التصنيع العالمي لهذه المواد و تُعرقل صادراتها كلما شعرت بتحرّك غربي. 

و بينما يعرض ترامب الاتفاق بإعتباره إنتصاراً للتجارة و القدرة الأميركية على إستبدال الموردين، يقلق مراقبون من أن مجرد توقيع الصفقة ليس كافياً، و أن الطريق نحو سلسلة توريد بديلة مستقرة لا يزال محفوفاً بالتحديات المالية و البيئية و السياسية. ما هو مؤكد أن المعركة الجديدة لم تعد بالأسلحة فحسب، بل بالمعادن التي تحرك المستقبل.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *