واشنطن بوست: اعتقال الصحافي الفرنسي كريستوف غليز يكشف تزايد القمع السياسي في الجزائر

واشنطن بوست: اعتقال الصحافي الفرنسي كريستوف غليز يكشف تزايد القمع السياسي في الجزائر

سلطت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية الضوء على قضية الصحافي الفرنسي كريستوف غليز المعتقل في الجزائر، معتبرة أنها تعكس تصاعد مظاهر القمع السياسي في البلاد، وتكشف في الوقت ذاته عن تشابك السياسة بالرياضة، خصوصا كرة القدم.

وأوضحت الصحيفة، في تقرير مطول صدر الأربعاء، أن غليز، الصحافي المعروف في مجلة “So Foot” الفرنسية، كان يجري تحقيقا منذ سنوات حول الملابسات الغامضة لوفاة لاعب كرة القدم الكاميروني ألبرت إيبوسي سنة 2014 بمدينة تيزي وزو، وهي الحادثة التي لا تزال تثير الجدل حتى اليوم.

وأضاف التقرير أن السلطات الجزائرية أعلنت حينها أن اللاعب قُتل بعد إصابته بحجر ألقاه أحد المشجعين، فيما تحدثت إدارة النادي عن أزمة قلبية. لكن غليز، الذي أجرى مقابلات مع شهود ومصادر عدة، توصل إلى فرضيات تشير إلى احتمال تورط مسؤولين جزائريين في الحادث، وهو ما جعله، حسب الصحيفة، هدفا مباشرا للسلطات خلال زيارته الأخيرة للبلاد.

وأكدت “واشنطن بوست” أن الصحافي الفرنسي دخل الجزائر في ماي 2024 بتأشيرة سياحية بعد أن رُفض طلبه للحصول على اعتماد صحفي، وبدأ العمل على كتاب حول نادي شبيبة القبائل، الذي يعد رمزا للهوية الأمازيغية في منطقة القبائل، قبل أن يتحول هذا النادي في السنوات الأخيرة إلى ساحة صراع سياسي بسبب ارتباطه بحركة انفصالية تصنفها الحكومة الجزائرية “إرهابية”.

وتابعت الصحيفة أن غليز أُوقف بعد أيام من وصوله إلى تيزي وزو وصودرت معداته، قبل أن يُفرج عنه مؤقتا. لكنه لجأ إلى السفارة الفرنسية في الجزائر العاصمة حيث اختبأ لعدة أيام، إلى أن سلم نفسه للسلطات التي وضعته تحت الرقابة القضائية ومنعته من مغادرة البلاد.

وأشارت الصحيفة إلى أن القضاء الجزائري حكم عليه في يونيو الماضي بالسجن سبع سنوات بتهمة “الترويج للإرهاب” و”حيازة منشورات تضر بالمصالح الوطنية”، بسبب مقابلات أجراها مع شخصيات من حركة “الماك” الانفصالية المقيمة في فرنسا.

ووصفت “واشنطن بوست” محاكمته بأنها جزء من حملة أوسع لقمع حرية التعبير منذ تولي الرئيس عبد المجيد تبون الحكم عام 2019، حيث تم سجن عشرات الصحفيين والنشطاء بتهم “المساس بوحدة الدولة” أو “تمجيد الإرهاب”.

كما ربطت الصحيفة توقيت اعتقال غليز بتصاعد التوتر الدبلوماسي بين الجزائر وفرنسا، خاصة بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعمه لمغربية الصحراء وطرد الجزائر لعدد من الدبلوماسيين الفرنسيين في أبريل الماضي.

ونقلت “واشنطن بوست” عن خبراء أن سجن غليز يحمل رسالة سياسية إلى باريس، تؤكد أن “الخطوط الحمراء” التي تضعها الجزائر لا يمكن تجاوزها.

وفي ختام تقريرها، قالت الصحيفة إن اهتمام غليز بقضية إيبوسي لم يكن مجرد تحقيق رياضي، بل محاولة لفهم كيفية استخدام كرة القدم كأداة سياسية في مجتمع يعاني من التمييز والقمع، مشيرة إلى أن صوره رُفعت في ملاعب فرنسية وفي سباق “تور دو فرانس” تضامنا معه.

ونقلت عن شقيق اللاعب الراحل إيبوسي قوله إن استمرار احتجاز الصحافي الفرنسي “دليل على أنه كان يقترب من الحقيقة”.

وختمت الصحيفة بالقول إن قضية كريستوف غليز تجسد بوضوح تداخل الرياضة بالسياسة في الجزائر، وتكشف عن مدى استعداد السلطات لاستعمال تهم الإرهاب كسلاح ضد الأصوات المستقلة التي تقترب من الملفات الحساسة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *