المحجز البلدي بسطات يغلي… المدينة بلا مواقف والسيارات تُحشر كالسردين

المحجز البلدي بسطات يغلي… المدينة بلا مواقف والسيارات تُحشر كالسردين

سطات : بوشعيب نجار 

مدينة سطات هذه الأيام تشبه ورشة زجر مفتوحة على مدار الساعة، فحملات المخالفات المرورية التي شنتها مصالح ولاية الأمن لا تهدأ، وكأنها سباق محموم نحو “رفع مردودية حزينة الدولة”، حتى لو كان الثمن اختناق المحجز البلدي واحتقان الشارع السطاتي.

مصادر من داخل المدينة أكدت لـ”مجلة 24″ أن المحجز البلدي يعيش حالة اكتظاظ خانقة، وصلت حدّ العجز عن استقبال أي سيارة إضافية. مركبات محجوزة تكدست فوق بعضها كعلب السردين، ومواطنون يتقاطرون يوميا بحثا عن وسيلة لاستخراج سياراتهم العالقة في متاهة البيروقراطية. المشهد أشبه بـ”سوق أسبوعي للحديد”، لا يعرف الداخل إليه إن كان سيخرج بسيارته أم بورقة أداء جديدة.

ورغم الحزم الأمني الذي يطال كل من يركن في المسار الثاني، فإنّ الكل في سطات يدرك أن أصل الداء ليس في السائقين، بل في غياب مواقف السيارات والدراجات. المدينة بلا تخطيط حضري حقيقي، والفضاءات المخصصة للركن تُعدّ على رؤوس الأصابع، فيما تستمر شرطة المرور في تطبيق القانون وكأنه نازل من المريخ، دون مراعاة لحاجات الناس اليومية.

المفارقة المضحكة المبكية أن المواطن الذي يركن أمام صيدلية لدقيقتين يجد نفسه متهما بعرقلة السير، بينما من يعرقل التنمية الحضرية لعقود كاملة يواصل مهامه “بكل تفانٍ” دون أن يحرّك أحد ساكنا. إنها باختصار فوضى من نوع خاص، يُعاقَب فيها المتنفس وتُكرَّم الأسباب.

المحجز البلدي الذي يُفترض أن يكون مؤقتا صار مقبرة حديدية دائمة، والسيارات المحجوزة شاهدة على “إبداع إداري” يفضل الزجر على التفكير، والغرامة على التنظيم. المدينة لا تحتاج مزيدا من المحاضر، بل إلى قليل من الحكمة في تدبير الفضاء العمومي.

قد يقول قائل إن تطبيق القانون واجب، لكن السؤال الحقيقي: أي قانون يُطبَّق حين تغيب البنية التحتية وتُهمل المقاربة التشاركية؟ أم أن المطلوب هو تعويض مداخيل مواقف السيارات المفقودة بغرامات جاهزة في كل شارع وزقاق؟

سطات اليوم تعيش ازدحاما مضاعفا… ازدحاما في الشوارع، واكتظاظا في المحجز، وزحمة في القرارات غير المفهومة. والنتيجة واحدة: مدينة بلا أنفاس، تُدار بمنطق “الحجز بدل الحل”.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *