ما لم يُقل في الخطاب الملكي أخطر مما قيل…

ما لم يُقل في الخطاب الملكي أخطر مما قيل…
الكاتب : عمر اياسينن

الملك لم يرفع صوته، لكنه أوصل رسالته بوضوح.
في خطابه أمام البرلمان، لم يكن بحاجة إلى تسمية المقصرين أو توبيخ المؤسسات. اكتفى أن يقول القليل… ليُفهم الكثير.

لم يقل إن الأداء الحكومي بطيء، لكنه تحدث عن الحاجة إلى وتيرة أسرع وأثر أقوى.
ولم يقل إن الأحزاب غائبة، لكنه ذكّرها بواجب التواصل والتأطير.
ولم يقل إن السياسة فقدت روحها، لكنه دعا إلى نكران الذات وتغليب المصلحة العليا للوطن.

بعبارة واحدة، قال الملك بلغة هادئة ما تعجز المعارضة عن قوله بصوت مرتفع:

إن مؤسساتنا تسير بإيقاع بطيء لا يواكب انتظارات المغاربة.

الخطاب كان تحوّلًا في النبرة والمضمون. فقد انتقل من مرحلة “التخطيط المستمر” إلى مرحلة “الإنجاز والمحاسبة”.
رسالة واضحة: انتهى زمن الشعارات، وبدأ زمن النتائج.

وعندما تحدّث الملك عن تغيير العقليات، لم يكن المقصود الموظف البسيط، بل العقل الإداري والسياسي المتحجر الذي يُعيد إنتاج الأعذار كل يوم، ويقتل المشاريع في المكاتب قبل أن تولد على الأرض.

الملك بدا هذه المرة أكثر صراحة بين السطور. نبرة الخطاب توحي بنفاد الصبر من بطء التنفيذ، وكأن الرؤية الملكية تركض، بينما المؤسسات تمشي الهوينى.

ثم جاء الخاتم القرآني للخطاب:

> “فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره.”

ليؤكد أن المحاسبة قادمة لا محالة، وأن كل مسؤول، كبيراً كان أو صغيراً، سيُوزن بعمله لا بمنصبه.

اليوم، يبدو أن الملك وضع الجميع أمام المرآة: حكومةً، وأحزابًا، وبرلمانًا، وإدارة.
فإما أن يتحركوا بسرعة الدولة الحديثة… أو أن يُحاسَبوا بثقل مثقال الذرة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *