“طلوع يفكّك رسالة جيل Z: نداء على حافة الأمل يحرج السلطة ويوقظ الضمير العام”

في قراءة خاصة لـ”رسالة جيل Z”، تحدث الدكتور طلوع عبدالإله، الباحث في القانون العام والعلوم السياسية والمهتم بقضايا الشباب، عن الدلالات العميقة لهذه الرسالة التي وصفها بأنها “نداء على حافة الأمل، يضع السلطة أمام امتحان الإصغاء بدل الاكتفاء بالإنصات الصامت”.
ونوّه الدكتور طلوع بأن الرسالة لم تكن مجرّد عريضة مطلبية، بل جاءت محمّلة بروح فلسفية نقدية تسائل أولويات الدولة في تدبير ثرواتها. وقال: “الرسالة تعكس وعياً متزايداً لدى الشباب بأن المشكلة ليست فقط في تدبير الميزانيات، بل في فلسفة الحكم نفسها: لمن تُدار الدولة، ولأجل من تُصرف الموارد العامة؟”
وشدّد طلوع على أن أقوى ما في الرسالة هو تحويل خطاب الاحتجاج إلى لغة أخلاقية، إذ ربطت استرجاع الثقة بالمحاسبة والعدالة، مؤكداً أن: “الهيبة الحقيقية للدولة لا تُبنى على الخوف، بل على احترام القانون والمساءلة أمام الشعب.”
واعتبر الباحث أن الإشارة إلى جيل “Z” جاءت كنوع من التبرير التاريخي لخيبة هذا الجيل، الذي – بحسب تعبيره – “لم يرَ في الإصلاحات سوى وعود مؤجلة، فوجد نفسه أمام عنف مزدوج: عنف الإحباط قبل عنف السلطة.”
وقال طلوع إن الرسالة تستمد قوتها من اقتراحها لأربع خطوات عملية واضحة:
“اعتذار رسمي باسم الدولة لضحايا القمع، الإفراج عن المعتقلين السياسيين وفي مقدمتهم معتقلو حركة ‘212’ والحراك الشعبي، إطلاق إصلاح دستوري يعيد السيادة للشعب، وفتح حوار وطني يعيد ترتيب الأولويات الاقتصادية والاجتماعية.”
وأشار إلى أن هذه الخطوات “تُنقل السياسة من حقل الشعارات إلى حقل الفعل”، مضيفاً أن: “المغزى العميق هنا هو تحويل الماضي من عبءٍ إلى ذاكرةٍ معترَف بها، لأن المستقبل لا يُبنى فوق جراحٍ مغلقة.”
وفي معرض تحليله للفقرة الأخيرة من الرسالة، طرح طلوع سؤالاً لافتاً:
“ماذا لو تفاعلت المؤسسة الملكية بجدية مع هذه الرسالة؟ هل سيجرؤ المنتقدون من الطبّالة واللحّاسة على الاعتراف بأن الإصغاء للشباب علامة قوة سياسية، أم سيبحثون عن طريقة لتأويل المديح بما يخدم ولاءاتهم؟”
وأكد الدكتور طلوع أن الرسالة تراهن على منطق الدولة الحديثة:
“هي لا تطلب المستحيل، بل تدعو إلى بناء عقد اجتماعي جديد، يعيد للسياسة معناها الأخلاقي، ويضع الإنسان قبل الإسمنت والملاعب.”
وختم الباحث قائلاً: “هذه الرسالة تكشف أن الاحتجاج في جوهره ليس عدوّ الدولة، بل فرصة نادرة لإصلاح العلاقة بين الحاكم والمحكوم. والسؤال الحقيقي اليوم هو: هل تصغي السلطة إلى نبض الشارع، أم ستظل جدران القصور صامتة أمام نداءٍ قد يفتح باب الأمل؟”