مظاهر إخفاق السياسة الرياضية في ظل الحكومة المغربية الحالية

مظاهر إخفاق السياسة الرياضية في ظل الحكومة المغربية الحالية
المصطفى الهيبة إطار بقطاع الرياضة

على الرغم من الزخم الإعلامي والاستثمار الكبير الذي عرفته الرياضة المغربية في السنوات الأخيرة (تجهيز ملاعب، استضافة تظاهرات قارية، وبرامج الاستقطاب للاعبين)، إلا أنّ مؤشرات متزايدة تظهر أن السياسات الرياضية تواجه إخفاقات بنيوية تؤثر على النتائج وعلى مساهمة الرياضة في التنمية.
يضاف إلى ذلك القرار الحكومي الأخير المتمثل في نقل قطاع الرياضة من وزارة الشباب والرياضة إلى وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وهو ما اعتُبر من طرف خبراء وفاعلين كارثة تنظيمية أثّرت سلباً على التسيير والتخطيط الاستراتيجي.
*أبرز مظاهر الأخفاق:
-تركيز الاستثمار على البنية التحتية الكبرى على حساب القاعدة
-الميزانيات الكبيرة وُجّهت إلى ملاعب عملاقة واستعدادات لملفات استضافة، بينما تعاني الأندية المحلية والمدارس الرياضية من ضعف الموارد والتجهيزات.
هذا التوازن المختل خلق واجهة براقة لكنه لم يُنتج منظومة متينة قاعدية.
-نتائج رياضية دولية مخيبة في الألعاب الأولمبية الأخيرة حيث ظهر ضعف واضح في رياضات متعددة (باستثناء بعض الرياضات الفردية)، مما كشف قصوراً في برامج المواكبة والتكوين الشامل للرياضيين.
*كارثة نقل قطاع الرياضة إلى وزارة أخرى:
دمج الرياضة داخل وزارة التربية الوطنية أحدث ارتباكاً مؤسساتياً:
-ضياع هوية واضحة للقطاع الرياضي.
-ازدواجية في القرار بين ملفات التعليم وملفات الرياضة.
-تراجع ثقة الاتحادات في الشريك الحكومي بسبب غياب مخاطب متخصص.
-تعطّل مشاريع وبرامج بدأت في ظل وزارة الشباب والرياضة سابقاً.
هذا القرار عُدّ من أبرز إخفاقات الحكومة الحالية لأنه همّش الرياضة كقطاع مستقل ذي بعد اجتماعي واقتصادي، وحوّله إلى ملف ثانوي داخل قطاع مثقل بالملفات التعليمية.
*ضعف الحوكمة والشفافية:
-النزاعات القضائية وقرارات الجامعات الرياضية المثيرة للجدل أظهرت قصوراً في آليات الرقابة والمحاسبة.
*تسييس الرياضة واستخدامها في نزاعات جهوية إقليمية و محلية :
-ظهرت توترات مرتبطة بالرموز على القمصان أو المباريات الدولية، ما يضع الرياضيين في قلب صراعات سياسية.
-قلة برامج اكتشاف المواهب
-غياب مدارس تكوين ممنهجة ونقص تكوين المدربين المحليين يضعف قاعدة المواهب ويجعل الأندية تعتمد على مبادرات فردية.
*ضعف دعم الرياضة النسائية:
رغم المكاسب الأخيرة، لا تزال الرياضة النسائية تعاني من نقص التمويل والبنيات، ما يحد من حضورها القوي قارياً ودولياً.
*أبعاد الفشل:
**البعد السياسي:
تهميش الرياضة بنقلها إلى وزارة أخرى، وتوظيفها كأداة دبلوماسية.
**البعد الإداري:
غياب استراتيجية وطنية متكاملة قابلة للقياس، وضعف وضوح المسؤوليات.
**البعد الاقتصادي:
التركيز على ملاعب كبرى مكلفة دون استغلال مستدام، مع ضعف الأثر الاقتصادي.
**البعد الاجتماعي:
-غياب برامج محلية للشباب يقلل من إدماج الرياضة كأداة تنمية.
**البعد القانوني والأخلاقي:
-انتقادات لغياب حقوق العمال و الأطر أو الحريات في بعض ملفات الاستضافة.
*الآثار المباشرة والبعيدة المدى:
**قصيرة المدى:
-ارتباك في تسيير القطاع بعد الدمج الوزاري
-نزاعات سياسية ورياضية.
**متوسطة المدى:
-هدر مالي
-ضعف نتائج دولية -هجرة المواهب.
**طويلة المدى:
-فقدان قاعدة مواهب محلية
-تآكل ثقة المجتمع في المؤسسات الرياضية
-تحوّل الاستثمارات إلى عبء بدل رافعة للتنمية.
*توصيات عملية:
-إعادة إحداث وزارة مستقلة للرياضة تفصل عن التعليم وتعيد الاعتبار للقطاع.
-وضع خطة وطنية لعشر سنوات بمؤشرات أداء واضحة.
-إعادة التوازن في الإنفاق بين الملاعب العملاقة والبنية التحتية القاعدية و إنجاز برامج أنشطة رياضية وطنية و محلية.
-تعزيز حوكمة الجامعات عبر آليات شفافة.
-دعم الرياضة النسائية بميزانيات وقوانين واضحة.
-تحييد الرياضة عن التوظيف السياسي والدبلوماسي.
**خاتمة:
قرار نقل قطاع الرياضة إلى وزارة التربية الوطنية أبرز بشكل جليّ غياب رؤية استراتيجية مستقلة للرياضة، ما زاد من مظاهر الفشل الأخرى القائمة.
إصلاح الوضع يتطلب إعادة الاعتبار للرياضة كقطاع مستقل له أهميته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بعيداً عن الارتباك الإداري أو التوظيف السياسي.
المراجع:
-جريدة الأحداث المغربية: تقارير حول ارتباك تدبير الرياضة بعد دمجها في وزارة التعليم.
-مجلة TelQuel: مقالات تحليلية حول ضعف نتائج المغرب في أولمبياد باريس 2024.
-مركز Policy Center for the New South: دراسات عن دور الرياضة في التنمية الاجتماعية والشبابية.
-تقارير Amnesty International: حول حقوق الإنسان في سياق تنظيم بطولات رياضية كبرى.
-جريدة Le Matin: تغطيات حول البنية التحتية والاستثمارات الرياضية.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *