حنان رحاب تكتب …..إقصاء الصحافيات من محاورة رئيس الحكومة… صورة أخرى لعقلية ذكورية متجذرة

حنان رحاب تكتب …..إقصاء الصحافيات من محاورة رئيس الحكومة… صورة أخرى لعقلية ذكورية متجذرة

مرة أخرى، يطل رئيس الحكومة على شاشة الإعلام العمومي، ومرة أخرى يغيب صوت الصحافيات عن طاولة الحوار السياسي. غياب لا يمكن تبريره لا بالصدفة ولا بالاختيار العفوي، بل هو نتاج عقلية راسخة ما زالت ترى في السياسة مجالًا حكرًا على الرجال.

في السنوات الأخيرة، برزت مفارقة مثيرة داخل قنوات الإعلام العمومي: الصحافيات يُدفعن إلى تغطية ما يُصطلح عليه بـ”الوقائع الناعمة”، من مهرجانات فنية وأحداث اجتماعية وأجواء العطل والتعاونيات النسائية. بينما يُحجز للصحافيين الذكور مجال السياسة والملفات الكبرى: الأنشطة الملكية، حوارات رئيس الحكومة، والبرامج الحوارية السياسية.

هذا الفصل القائم على النوع الاجتماعي لا يعكس غياب الكفاءة، بل يعكس تصورات رجعية متجذرة. فالعديد من الصحافيات المغربيات أبانّ عن جدارة مهنية عالية، سواء من حيث التكوين الأكاديمي أو الممارسة الميدانية. التاريخ القريب وحده يكفي للتذكير بأن أسماء مثل فاطمة الوكيلي، ومالكة ملاك، وثريا الصواف، كنّ من أبرز الوجوه التي صنعت مجد البرامج الحوارية السياسية، وأثبتن قدرة المرأة على قيادة النقاش العمومي بجرأة وعمق.

لكن المشكل الحقيقي يكمن في طريقة إدارة الإعلام العمومي، خاصة في أقسام الأخبار. عقلية لم تتحرر بعد من الصورة النمطية التي تحصر دور المرأة في الواجهة الشكلية، أو في مجالات يُنظر إليها على أنها “خفيفة”. أما الملفات الثقيلة التي تمس الشأن السياسي، فلا يزال يُتعامل معها باعتبارها “مجالًا ذكوريًا بامتياز”.

إقصاء الصحافيات من محاورة رئيس الحكومة ليس مجرد تفصيل مهني عابر، بل هو تكريس لثقافة التمييز داخل مؤسسة يُفترض أنها مرآة المجتمع. وإذا كانت هذه الثقافة مستمرة، فإن السؤال المطروح هو: إلى متى ستظل الكفاءة الأنثوية رهينة التصورات الذكورية داخل إعلام يُمول من المال العام؟

✍️ حنان رحاب

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *