كارثة العطش تضرب العنب الدكالي ببولعوان… خسائر فادحة وصمت رسمي يثير الغضب

تعيش جماعة بولعوان بإقليم الجديدة واحدة من أسوأ مواسمها الفلاحية على الإطلاق، بعدما التهمت أزمة ندرة مياه السقي مئات الهكتارات من العنب الدكالي، الذي يُعد العلامة المميزة للمنطقة ومصدر رزق لآلاف الأسر القروية.
الفلاحون، الذين استثمروا جهدهم وعرقهم في تعاونياتهم طيلة السنة، وجدوا أنفسهم اليوم أمام موسم ضائع بالكامل، حيث تحولت الكروم إلى أراضٍ يابسة، وضاعت معها آمالهم في جني محصول كانوا ينتظرون منه تأمين لقمة العيش وسداد الديون المتراكمة.
تقدر الخسائر المالية بالمليارات من السنتيمات من إنتاج العنب الدكالي، ما يجعل الأزمة لا تقتصر على فقدان الإنتاج فقط، بل تمتد لتؤثر على سوق العنب الوطني. ومن المتوقع أن يؤدي نقص المنتوج هذا الموسم إلى ارتفاع أسعار الكيلوغرام الواحد في السنوات القادمة، حيث قد يصل سعر الكيلو إلى 25 درهماً، وهو ما سيثقل كاهل المستهلك المغربي ويزيد الضغوط على الفلاحين الذين ما زالوا يكابدون تداعيات الأزمة.
ورغم خطورة الوضع، يسجل المتتبعون صمتاً غير مبرر من جانب وزارة الفلاحة، التي لم تحرك ساكناً أمام هذه الكارثة التي تهدد استقرار المئات من الأسر، وتدفع الشباب إلى التفكير في الهجرة القروية، بعدما فقدت الأرض قدرتها على العطاء.
الأزمة لم تضرب فقط جيوب الفلاحين الصغار، بل وجهت لهم ضربة قاضية، إذ تحولت جهودهم إلى “حصاد مر” كشف مرة أخرى عن هشاشة المنظومة الفلاحية بالمنطقة، وغياب استراتيجيات واضحة لمواجهة تغيرات المناخ وأزمات المياه.
في المقابل، يتساءل الفلاحون عن جدوى الشعارات الرسمية حول الأمن الغذائي و”مخططات التنمية الفلاحية”، إذا كان محصول استراتيجي كالعنب الدكالي يندثر أمام أعينهم دون أي دعم ميداني أو حلول استعجالية.
الواقع أن ما يحدث في بولعوان ليس مجرد أزمة محلية، بل إنذار حقيقي يضع وزارة الفلاحة أمام مساءلة صريحة: كيف يمكن ضمان استمرارية الفلاحة التضامنية وصمود الفلاح الصغير، في ظل غياب رؤية استباقية وتدبير عقلاني للموارد المائية؟
في انتظار الجواب، تبقى كرمات بولعوان شاهداً على فشل التدبير، وعلى مرارة فلاح صغير خسر أرضه وموسمه، بينما يظل المسؤولون في مكاتبهم يتحدثون عن “المخططات” دون أثر على الواقع.