افتتاحية مجلة 24… صحة في الإنعاش ومندوب سطات لا يتزحزح

في سطات لم يعد الحديث عن تدهور الخدمات الصحية مجرد انطباعات عابرة، بل صار حقيقة يلمسها كل مواطن يدخل مستشفى الحسن الثاني. قاعات مكتظة، خصاص فاضح في الأطر ارتباك إداري، وكرامة تُنتهك قبل أن يصل المريض إلى سرير العلاج. هذا ليس سيناريو طارئا، بل واقع يومي يؤشر على انهيار صريح لمنظومة يفترض أن تصون الحق في الحياة.
المثير للسخرية أن هذه الأزمة المستفحلة لها مسؤول أول ظل ثابتا في منصبه منذ سنة 2019: المندوب الإقليمي للصحة، أيت الخدير. سبع سنوات كاملة مرّت، تعاقب خلالها خمسة وزراء على حقيبة الصحة، بينما بقي الرجل متربعا على كرسيه، وكأن المنصب إرث خاص لا يخضع لا لمحاسبة ولا لتقييم.
كيف يمكن إقناع الساكنة بأن الإصلاح ممكن، والمسؤول عن الفشل باقٍ في مكانه؟ كيف يُعقل أن تُترك مؤسسة حيوية مثل المستشفى رهينة العشوائية، فيما المرضى يُعاملون وكأن صبرهم هو العلاج الوحيد المتاح؟
إن استمرار هذا الوضع لا يعني فقط سوء التدبير، بل يكرس فقدان الثقة في الدولة نفسها. فعندما يفقد المواطن إيمانه بأن هناك من يحميه ويرعاه في مرضه، فإنه يفقد جزءا من انتمائه. وما يحدث في سطات اليوم هو جريمة صامتة تُرتكب يوميا في حق الناس: جريمة إهانة حقهم في العلاج بكرامة.
لقد آن الأوان لقول الحقيقة بلا تردد….. بقاء نفس الوجوه في مواقعها هو إعادة إنتاج لنفس الفشل. إذا كان الإصلاح يبدأ بالمحاسبة، فإن أول سؤال يجب أن يُطرح هو: لماذا يظل المندوب الإقليمي للصحة بمنصبه رغم كل هذا الخراب؟
سطات لا تحتاج خطبا ولا وعودا جديدة. تحتاج قرارات شجاعة تُنهي زمن العبث وتعيد الاعتبار لحق المواطن في العلاج. فالصحة ليست منّة من أحد، بل واجب دولة ومسؤولية لا تقبل التهاون.