من يجرّ المغرب إلى الهاوية؟ أسئلة مؤجلة في زمن الاحتقان

في مغربٍ تُزيَّن فيه العناوين الكبرى، وتُهرَّب فيه الوقائع الصغيرة، تبرز أسئلة محرجة، معلقة، لا تجد من يُجيبها أو حتى يعترف بها. هل نحن أمام أزمة حكومة؟ أم أمام أعطاب بنيوية تهزّ الدولة من الجذور؟ وهل انتهت مرحلة رجل الأعمال ـ السياسي، أم أن نهايته مجرد واجهة لانهيار أعمق لا اسم له؟
أين اختفى “النموذج التنموي الجديد”؟ هل كان مجرد لافتة جميلة أُعدّت لموسم واحد؟ وكيف يتحوّل الوعد بالإقلاع إلى شعور عام باليأس والتآكل؟ وهل يكفي صمت المؤسسة الملكية عن رئيس الحكومة الحالي ليُفهم أنه إعلان نهاية مرحلة؟ أم أن الصمت في المغرب لا يعني شيئًا… أو يعني كل شيء في آنٍ معًا؟
أي اقتصاد؟ وأي عدالة اجتماعية؟
كيف تروج الحكومة لأرقام “الانتعاش”، بينما الواقع يصرخ بخلاف ذلك؟
• هل يعقل أن تتحول برامج مثل “فرصة” و”أوراش” إلى عقود عمل موسمية أشبه بالاستغلال المهيكل؟
• هل يعكس نمو بـ2.9٪ في 2024 أيّ تنمية، إذا ما قورن بتضخم تجاوز 6٪؟
• من المستفيد من مخطط المغرب الأخضر، حين يعاني الفلاح الصغير من العطش، وتُمنح المياه للضيعات الكبرى؟
• هل الاستثمار الأجنبي صناعة وطنية للثروة، أم مجرد تحويل للأراضي إلى عقارات وشمس إلى أرباح؟
بين الإعلام والدولة… من فقد البوصلة؟
لماذا تراجع الإعلام المغربي إلى حدود غير مسبوقة من فقدان الثقة؟
هل الصحافة الحرة صارت تُستبدل بـ”مؤثرين” يتقنون المديح بدل التحليل؟
متى تحوّل الإعلام من مرآة للرأي العام إلى أداة لتسويق الأوهام؟
ولماذا غادر كبار الصحافيين والباحثين الساحة… صمتًا أم قسرًا؟
هل ما يزال للدولة هيبة العدالة؟
لماذا يُسجن الصحافي ويُكافَأ المقاول الفاسد؟
لماذا يُوقف الإمام لأنه رفع صوته بـ”الله أكبر”، بينما تُطبع الشعارات الرسمية مع السكون والخنوع؟
أين ذهبت دولة الحق والقانون؟ أم أن القانون بات سيفًا بيد من يملك الامتيازات، لا من يخدم الصالح العام؟
السياسة الخارجية… من يقود من؟
كيف تحولت الدبلوماسية المغربية من موقع المبادرة إلى مربع التبرير؟
هل يعقل أن نفقد عمقنا الإفريقي، ونصطدم مع الجزائر وتونس ونيجيريا، في وقتٍ نحتاج فيه إلى استقرار إقليمي؟
وماذا بقي من “الريادة” إذا كانت اتفاقيات التطبيع الاقتصادية تجمّدت، والصمت الدولي يُقابل بالتجاهل؟
رياضة ومهرجانات… هل هذه هي الأولويات؟
هل يليق ببلدٍ يُعاني أزمات الماء والسكن والشغل أن يستثمر الملايير في واجهات ترفيهية؟
هل “بلوغ نصف النهائي” في كأس إفريقيا أو العالم يُبرر الإخفاق في باقي القطاعات؟
أين خُطط محاربة الفقر؟ ماذا عن التعليم، الصحة، النقل، التقاعد؟
أليس غياب المحاسبة الحقيقية نوعًا من التحريض الصامت على الانفجار؟
من يُحاسب من؟ ومن يراجع من؟
هل فشل أخنوش؟ نعم.
لكن: هل أخنوش وحده؟
أم أن الدولة ـ برمتها ـ اختارت قبل سنوات أن تُراهن على المال بدل الكفاءة، على الولاء بدل الكفاءة، على التسويق بدل الإصلاح؟
هل نحن أمام فشل رجل، أم انهيار فلسفة حكم كاملة؟
من سيحاسب من وقّع، ومجّد، وسكت، وتواطأ، وساهم في إنتاج هذا النموذج المأزوم؟
في الختام… هل نحن في لحظة وعي، أم في لحظة ما قبل الانهيار؟
الأسئلة كثيرة، موجعة، لكنها ضرورية.
لا أحد يريد الخراب، لكن لا أحد ـ حتى الآن ـ يجرؤ على إعلان وقفة مع النفس.
المغرب ليس بحاجة إلى حكومة جديدة بواجهة جديدة، بل إلى إعادة بناء العقد الاجتماعي من جذوره، على أساس الشفافية والمحاسبة والعدالة.
وإلا فإننا لا نسير نحو “أفق 2035″، بل نحو “هاوية مؤجلة”… بلا أمل.