الصحراء المغربية: دينامية متسارعة ودعم متنام لمبادرة الحكم الذاتي يرسخان مكانة المغرب

يشهد ملف الصحراء المغربية في الآونة الأخيرة دينامية دبلوماسية متسارعة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك التحولات العميقة التي يعرفها على المستوى الدولي. ويأتي الموقف الصريح الصادر عن البرتغال بدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية ليكرس هذا المنحى التصاعدي، حيث اعتبر الدكتور علي العسراوي، الباحث في سلك الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن هذا الدعم البرتغالي يمثل “تطورا دبلوماسيا نوعيا”، نظرا لكونه صادرا عن دولة فاعلة داخل الاتحاد الأوروبي وذات تأثير وازن في الفضاء المتوسطي.
وفي تحليله للموقف البرتغالي، أوضح العسراوي أن إعلان لشبونة المشترك، الذي توج لقاء وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج السيد ناصر بوريطة بنظيره البرتغالي، يندرج ضمن موجة متنامية من المواقف الأوروبية المؤيدة لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، والتي باتت تحظى باعتراف واسع كونها الحل الواقعي والعملي لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء. وأضاف أن هذه المواقف لم تعد تندرج فقط ضمن التعبيرات البروتوكولية أو المجاملة الدبلوماسية، بل إنها باتت تعكس تحولات في المواقف الاستراتيجية للدول المؤثرة داخل الاتحاد الأوروبي، بما يعزز موقع المغرب ويقوي علاقاته داخل هذا المحيط الحيوي.
وأشار العسراوي في تصريح صحفي إلى أن دعم البرتغال للمبادرة المغربية يعكس أيضاً إيماناً متزايداً داخل أوروبا بجدية ومصداقية المقترح المغربي، كما يعزز المسار البراغماتي الذي تنتهجه الدبلوماسية المغربية، المستندة إلى التوجيهات الملكية السامية التي جعلت من قضية الصحراء معياراً مركزياً في قياس جدية الشراكات وصدق المواقف. واستحضر في هذا الصدد مقتطفاً من الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب، والذي شدد فيه جلالة الملك محمد السادس نصره الله على أن “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم”، معتبرا أن هذه النظرة قد تحولت إلى خريطة طريق توجه العمل الدبلوماسي المغربي وتكسبه القوة والاتساق.
وبحسب العسراوي، فقد نجحت المملكة المغربية، بفضل هذه الرؤية الملكية الثاقبة، في تحويل قضية الصحراء من نزاع إقليمي جامد إلى ملف دولي يحظى بتأييد متزايد من قبل فاعلين مؤثرين، على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، إسبانيا، فرنسا، والعديد من الدول الإفريقية والعربية. وها هي البرتغال اليوم تنضم إلى هذا الركب، معززة هذا التوجه الداعم للوحدة الترابية للمملكة.
وفي معرض تحليله للمواقف الإقليمية، شدد الدكتور العسراوي على الفارق الجوهري بين مقاربة المغرب التي تقوم على الانفتاح وبناء الشراكات، ومقاربة الجارة الجزائر التي ما تزال تعتمد خطاباً جامداً وتدعم كياناً انفصالياً يفتقر لأي شرعية سياسية أو سند واقعي. وأبرز أن هذا الفارق في المنهج يعكس التباين العميق في الرؤى، ويؤكد أن المقاربة المغربية أكثر انسجاماً مع متطلبات العصر، وأكثر قدرة على كسب دعم المنتظم الدولي.
واختتم علي العسراوي تصريحه بالتأكيد على أن الموقف البرتغالي يمثل ضربة قوية للأطروحة الانفصالية داخل الفضاء الأوروبي، ويؤكد أن مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية تبقى الحل الوحيد القابل للتطبيق، مشيرا إلى أن الدبلوماسية المغربية أثبتت نجاعتها من خلال قدرتها على التأثير بهدوء وفعالية، انطلاقاً من مرجعية ملكية واضحة، وشرعية تاريخية راسخة، والتفاف وطني واسع حول القضية الأولى للمغاربة.