طلوع : دبلوماسية الرباط تواصل هندسة التحالفات ودينامية الاعتراف بمغربية الصحراء تتعزز في البلقان

طلوع : دبلوماسية الرباط تواصل هندسة التحالفات ودينامية الاعتراف بمغربية الصحراء تتعزز في البلقان

في زيارة وُصفت بالرمزية والدالة، حلّ وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، بالعاصمة المقدونية الشمالية سكوبي، حيث أجرى مباحثات عالية المستوى مع مسؤولين كبار، في مقدمتهم نظيره المقدوني تيمتشو موتسونسكي، ورئيسة الجمهورية غوردانا سيليانوفسكا دافكوفا، ورئيس البرلمان أفريم غاشي.

وتأتي هذه الزيارة – وفق ما أكده الدكتور طلوع عبدالإله، الباحث في القانون العام والعلوم السياسية – في إطار دينامية دبلوماسية متواصلة، تنتهجها الرباط لترسيخ مغربية الصحراء في المنتديات الدولية، لا عبر منطق الاستعطاف، بل بمنهج واقعي قائم على توسيع قاعدة الاعتراف بمخطط الحكم الذاتي، بوصفه الحل الجدي والوحيد للنزاع المفتعل.

وأوضح الدكتور طلوع أن اختيار جمهورية مقدونيا الشمالية ليس وليد الصدفة، بل يدخل ضمن رؤية استراتيجية تنفتح على فضاء جيوسياسي جديد، وهو منطقة البلقان، التي أصبحت تشهد تحولاً ملحوظاً في مواقفها الدبلوماسية من القضايا ذات البُعد الإقليمي والدولي، ومن بينها قضية الصحراء المغربية.

وشدد الباحث في القانون العام على أن الرباط لم تعد تتحرك بمنطق رد الفعل، بل صارت تنتج المبادرة وتبني توازناتها وفق مصالح استراتيجية، مضيفاً أن الدولة المغربية اختارت منذ 2017 أن تنتقل إلى “دبلوماسية الحسم”، بدل الاكتفاء بتدبير الوضع القائم.

وفي سياق متصل، نوّه الدكتور طلوع بموقف سكوبي الذي جدد دعمه الصريح لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وهو موقف – يضيف المتحدث – يعكس قناعة تتسع في الأوساط السياسية والدبلوماسية الأوروبية بجدية المقترح المغربي، وواقعيته، وقدرته على ضمان الاستقرار الإقليمي. كما أكد أن مقدونيا الشمالية بانضمامها إلى قائمة الدول الداعمة لهذا الطرح، تعزز ما وصفه بـ”جبهة الاعتراف”، التي تضم اليوم أكثر من 123 بلداً، بما فيها قوى دولية كبرى وأعضاء دائمين في مجلس الأمن.

وتحدث الباحث عن رمزية استقبال بوريطة من طرف أعلى سلطات الدولة في مقدونيا، معتبراً أن الأمر يتجاوز المجاملة الدبلوماسية، ليعكس تموقع الرباط كفاعل إقليمي يحظى بالاحترام والمصداقية، خصوصاً في ظل الظرفية العالمية المتسمة بإعادة تشكيل المحاور والتحالفات.

كما أكد طلوع أن هذه الزيارة تحمل في طيّاتها فرصاً لتوسيع التعاون الثنائي بين المغرب ومقدونيا، ليس فقط في الجانب السياسي، بل أيضاً في ملفات الطاقة، التعليم، الأمن السيبراني، ومكافحة الجريمة المنظمة. وأضاف أن تحركات الرباط الأخيرة تبين وعياً استراتيجياً بأهمية تنويع الشركاء وبناء علاقات متوازنة خارج منطق التبعية أو الاصطفاف الأيديولوجي.

واعتبر طلوع عبدالإله أن “الهجوم الدبلوماسي الناعم” الذي تخوضه الرباط يعكس تحولاً عميقاً في طبيعة السياسة الخارجية للمملكة، وهي سياسة باتت تُنتج التأثير بدل أن تكتفي بردّه، وتعيد هندسة خريطة التحالفات في مواجهة من يصرّون على اجترار أطروحات متجاوزة.

وختم طلوع تصريحه بالتأكيد على أن دبلوماسية اليوم لا تُقاس بعدد الزيارات فقط، بل بقدرتها على تحويل الاعترافات الرمزية إلى مواقف سياسية وقانونية داعمة، وهو ما تنجح فيه الرباط بخطى ثابتة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *