كل شعب في العالم ينال الحكومة التي يستحقها

لأسباب متعددة، يغيب نقد المجتمع عن صحافتنا، بينما يحضر نقد السلطة بقوة. صحيح أن السلطة مسؤولة عن جزء كبير من أعطاب المجتمع، لكنها ليست وحدها من يصنع الخراب. المجتمع نفسه يتحمل نصيباً وافراً من المسؤولية عن الإعاقات التي تعيقه، والتي تجعله يعيد إنتاج شقائه وتعاسته جيلاً بعد جيل. ومن بين هذه الأعطاب المتفشية في البيئة المغربية، يمكن أن نذكر أربعاً على سبيل المثال لا الحصر.
أولاً: أولوية الخاص على العام.
«الله ينصر من أصبح»، «اللِّي تزوج مي أناديه عمي»… عبارات دارجة تختزل ذهنية فردانية أنانية، لا تعبأ بالمصلحة العامة، ولا تؤمن بمسؤولية الفرد تجاه الجماعة. نزعة رضوخ للعبودية أكثر منها تشبثاً بالحرية والكرامة. ذات الذهنية التي دفعت ستين تاجراً فاسياً، كان لهم نصيب الأسد من التجارة والمال في مطلع القرن الماضي، إلى سؤال الجنرال اليوطي، حين دخل فاس: «هل ستمس فرنسا تجارتنا؟»، فجاءه جواب الداهية: «بالطبع لا». فردوا عليه بعبارة ستظل محفورة في الذاكرة: «الله يسخر». لم يسألوا عن وطن ولا عن حرية، بل عن تجارتهم فقط.
ثانياً: الدين شكلي قبل أن يكون جوهرياً.
طقوس بلا معنى، مظهر بلا سلوك، نصوص بلا مقاصد. في مجتمعنا، يزداد التديّن مظهرياً: المساجد تتكاثر، اللحى تنتشر، الحجاب يغزو الشوارع، القاموس الديني يحاصر اللغة اليومية… وفي المقابل، تتفاقم الجرائم، وتنهار الأخلاق العامة، ويتراجع السلوك المدني. تجد من يصلي في المسجد كل الصلوات، لكنه يتهرب من أداء الضريبة للدولة. تجد من يحج إلى مكة مرات عدة، لكنه لم يزر ملجأ أيتام يوماً واحداً. في المقابل، في دول غير مسلمة نشاهد إنسانية مدهشة لمواطنين يتطوعون بأنفسهم وأموالهم لمساعدة المنكوبين، يقتسمون بيوتهم مع ضحايا الأعاصير، ويتبرعون بملايين الدولارات، بينما نحن نزرع في النفوس تديناً شكلياً جافاً، فارغاً من المعاني الكبرى للدين الذي حرّم حبس قطة، واعتبر إطعام الحيوان عبادة. فقهاؤنا منهمكون في ثقافة الحلال والحرام، مسكونون بقراءة وهابية أفرغت الإسلام من إنسانيته، وحولته إلى أداة لضمان ولاء الرعية للحاكم، وخضوع المجتمع لسلطة الفقهاء وأوصيائهم.
ثالثاً: المرأة لا تُرى كإنسان.
قلة قليلة ترى المرأة إنساناً كامل الحقوق والكرامة، وأغلبية لا تزال تراها أنثى وظيفتها المتعة في الفراش، والطعام في المطبخ، والتربية في البيت. خارج هذا، إما مثيرة للغرائز أو «مسكينة» تستحق الشفقة. واقعة الاعتداء الجماعي على فتاة معاقة ذهنياً في حافلة بالدار البيضاء ليست سوى ترجمة لصورة المرأة في ذهن المجتمع: جسد بلا كرامة. الذكر عندنا لا يرى في المرأة طبيبة أو قاضية أو شرطية أو رئيسة حكومة، بل جسداً يتحرك في الفضاء العام. هذه النظرة التحقيرية تتفاقم مع رداءة التعليم، وانتشار تدين شكلي، وغياب للقانون.
رابعاً: المال غاية لا وسيلة.
«شحال عندك شحال تسوى»… هذا الشعار غير المكتوب يزداد تجذراً يوماً بعد يوم. في مجتمع لا يطبق فيه القانون على الجميع، ولا يشعر فيه المواطن بالأمان، يصبح المال بوليصة تأمين ضد كل الأخطار، حقيقية أو متخيلة. يصبح السعي المحموم وراءه مبرراً لكل شيء: فساد، رشوة، شراء ذمم وأقلام وضمائر. المال وحده صار قيمة اجتماعية عليا وسلطة حقيقية ووسيلة مفاضلة بين الناس. الشرطي مثلاً، لا يتعامل مع سائق سيارة فاخرة كما يتعامل مع سائق دراجة نارية، حتى لو ارتكب الاثنان الجريمة نفسها.
لنقف هنا، وإلا فالقائمة تطول. مجتمعنا في حاجة ماسة إلى وقفة مع الذات. آن الأوان للتخلي عن تلك النظرة اليسارية القديمة التي كانت تقدس «الجماهير الطاهرة» وتشيطن «السلطة الفاسدة». المقولة الشهيرة: «لكل شعب الحكومة التي يستحق»، صحيحة إلى حد بعيد، ما لم تتحول الحكومة إلى سيف على الرقاب، وتصر الدولة على حشر المجتمع في قوالب جامدة تمنعه من النمو. أما إذا قبل الناس الظلم، أو صمتوا عنه، أو أعادوا إنتاجه فيما بينهم في شكل تراتبيات اجتماعية، فإن المقولة تبقى صحيحة… إلى إشعار آخر
‘فروض مادة الفلسفة جدع مشترك’ تشير إلى مفهوم أساسي في التعليم بالمغرب، سواء كان ذلك منصة، خدمة، أو موضوع تعليمي محدد. يتم استعمال هذا المصطلح من طرف التلاميذ أو الأساتذة للوصول إلى موارد دراسية، تتبع النتائج، أو الإعداد للامتحانات. يعكس هذا المصطلح الدور المتزايد للتكنولوجيا والتنظيم في منظومة التعليم المغربية.