نداء عاجل لوزير الإدماج الاقتصادي: نظام التكوين المستمر بالمغرب في أزمة تهدد تنافسية المقاولات

في ظل تحولات اقتصادية متسارعة، يواجه قطاع التكوين المستمر في المغرب “أزمة هيكلية غير مسبوقة”، وفقًا لبيان صحفي مشترك صادر عن مجموعات الدعم البين مهنية للاستشارة (GIAC) وجمعية مكاتب الاستشارة والتكوين (ABCF). ويوجه الطرفان نداءً حازمًا إلى وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، السيد يونس سكوري، مطالبين إياه بالتدخل العاجل لإنقاذ منظومة حيوية لتنمية المهارات وتعزيز تنافسية المقاولات المغربية.
فلأكثر من عقدين من الزمن، لعبت الجياك ومكاتب الاستشارة والتكوين دورًا محوريًا في دعم المقاولات، خاصةً الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدًا، من خلال تحديد احتياجاتها من الكفاءات، وتصميم خطط التكوين، وتنفيذ البرامج الملائمة. هذه المهمة، التي تمولها جزئيًا الضريبة على التكوين المهني (TFP) التي تدفعها المقاولات، أصبحت اليوم على المحك.
يعود السبب الرئيسي لهذا التهديد إلى “تجميد مطوّل للميزانيات المخصصة لهندسة التكوين والتشخيصات الاستراتيجية”. وقد أدى هذا التأخر في اتخاذ القرار إلى تقليص دورة التكوين من 12 شهرًا إلى 3 أشهر فقط، مما يؤثر سلبًا على جودة وفعالية برامج التكوين المنفذة.
وتُبرز الجياك وABCF أن الأزمة متفاقمة بسبب “حوكمة مختلة” داخل منظومة التكوين المستمر. فبالرغم من تخصيص 30% من الضريبة على التكوين المهني (TFP) للتكوين المستمر عبر آليات الجياك وصندوق التكوين المستمر (CSF)، لم يتم تعبئة أي ميزانية لسنة 2025 حتى الآن.
وتدين الجمعيتان بشدة عدة ممارسات، منها:
* عدم انتظام اجتماعات اللجنة المركزية للعقود الخاصة بالتكوين (CCCSF).
* غياب الشفافية في المداولات وعدم نشر المحاضر في الآجال القانونية.
* اتخاذ قرارات أحادية غالبًا ما تكون بعيدة عن واقع الميدان.
* تقادم النظام المعلوماتي، مما يعيق الشفافية وتتبع البرامج.
* التأخر المزمن في التعويضات، في خرق صريح للآجال القانونية.
تؤكد الجمعيتان أن قرارًا صدر مؤخرًا عن اللجنة المركزية للعقود الخاصة بالتكوين، يهدف إلى تمديد آجال إيداع الملفات التقنية لدى مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل (OFPPT) للحفاظ على مكتسبات سنة 2025 وتدارك التأخير، يواجه معارضة من طرف ممثل إحدى المصالح الوزارية. كما يحذر البيان من “تزايد تدخل الإدارة في الاختصاصات الموكولة للهيئات الاستشارية”، مما يفرغ هذه الهيئات من دورها ويضر بمبدأ الحوكمة التشاركية.
ويشير البيان إلى مفارقة صارخة تتمثل في أن المقاولات تؤدي الضريبة على التكوين المهني سنويًا، ولكن “نحو 70% من الأموال المخصصة للتكوين المستمر لا يتم استعمالها”. هذا الوضع يحرم المقاولات، وخاصة الصغيرة منها، من حقها المشروع في تنمية المهارات، مما يؤدي إلى “الإحباط وعدم الفهم وتراجع الثقة في منظومة أصبحت بطيئة، غير شفافة، وغير فعّالة”. ويلفت البيان الانتباه إلى محاولات “غير أساس لها من الصحة” لتحميل الجياك ومكاتب التكوين مسؤولية هذه الاختلالات.
أمام هذا الوضع “الخطير”، توجه الجياك وABCF نداءً عاجلاً إلى السيد الوزير لاتخاذ الإجراءات التالية:
* فكّ الحصار فورًا عن ميزانيات السنوات الأربع الماضية المخصصة للتشخيصات الاستراتيجية، وهندسة التكوين، وخطط التكوين، وتحديد آجال مناسبة لإنجازها.
* فتح مشاورات موسعة مع جميع الفاعلين في المنظومة (الشركاء الاقتصاديون والاجتماعيون، OFPPT، GIAC، OCF، والمقاولات) لإعادة بناء الثقة.
* تفعيل القانون 60-17 عبر إصدار المراسيم التطبيقية العالقة منذ عام 2018.
* تحديث النظام المعلوماتي لضمان الشفافية وقابلية التتبع والفعالية.
* ضمان احترام حقوق المقاولات من خلال تنفيذ التعويضات داخل الآجال القانونية.
يختتم البيان بالتأكيد على أن “إصلاح منظومة التكوين المستمر لم يعد يحتمل التأجيل”، وأن نجاح المغرب في انتقاله الاقتصادي وإعادة تصنيعه يتوقف على وضع الرأسمال البشري في صميم أولوياته. وتؤكد الجياك وABCF التزامهما الكامل بمواكبة المقاولات المغربية نحو اقتصاد أكثر صلابة، شمولاً، وتنافسية.