عندما تتحول لجان تفتيش الباكالوريا إلى ضباط شرطة: بيان نقابي يفضح تجاوزات ميدانية صادمة بسطات

سطات – مجلة 24
في مشهد يتكرر كل سنة داخل مراكز امتحانات الباكالوريا بإقليم سطات، عادت قضية “الشطط في التفتيش” لتطفو على السطح، بعد أن كشفت مصادر حقوقية ونقابية عن ممارسات وصفت بـ”الخطيرة وغير القانونية” تُرتكب خلال عملية مراقبة الامتحانات، وتمس بشكل مباشر كرامة المترشحين والمترشحات.
ففي بلاغ ناري صادر عن المكتب الإقليمي لنقابة مفتشي التعليم بسطات، تم تسجيل استنكار واسع لما وصفه البيان بـ”تجاوزات مهنية” ارتكبتها لجنة إقليمية مختلطة مكلّفة بتأطير المؤسسات التعليمية ومراقبة سير امتحانات الباكالوريا، والتي يترأسها مسؤول إداري رفيع بالمديرية الإقليمية. وأكد البيان أن هذه اللجنة انتحلت صفة هيئة التفتيش التربوي، ومارست أدوارًا رقابية خارج اختصاصها، بلغت حد تفتيش ملابس بعض المترشحين ونزع الحجاب عن مترشحة، في واقعة أثارت استياءً واسعاً وخلفت آثاراً نفسية خطيرة لدى الضحية.
ووصفت النقابة هذه الممارسات بـ”غير القانونية والمنافية لأبسط شروط احترام كرامة التلميذ”، و”تجاوزًا لصلاحيات التأطير التربوي والتوجيهي”، معتبرةً أن ما جرى يُشكل تهديداً حقيقياً لسلامة الإجراءات التنظيمية، ويُعيد إلى الأذهان أجواء التسلط الإداري وسنوات الرصاص.
البيان ذاته ندد بشدة بـ”استمرار المدير الإقليمي في تبني أسلوب الإقصاء والتهميش تجاه الهيئة التربوية، ورفضه التعامل مع مقترحات المكتب النقابي، خاصة المتعلقة بالتكوين المستمر”، محملاً إياه مسؤولية التوتر الذي طبع أجواء امتحانات الباكالوريا برسم دورة ماي 2025.
ومن بين النقاط التي أثارت استغراب المتتبعين، ما ورد في البيان بخصوص استغلال لجان التفتيش لأغراض لا تمت بصلة للعمل التربوي، وتحول بعض أعضائها إلى “ضباط تفتيش ميدانيين”، يقومون بتفتيش دقيق للمترشحين، في انتهاك صريح للدستور ولمقتضيات القانون 02.00 المنظم لمهام أطر التعليم.
كما نبهت النقابة إلى خطورة التماهي بين “الوظيفة الإدارية” و”السلطة الميدانية”، حيث رُصدت – بحسب البلاغ – محاولات لـ”تهديد مسؤولين تربويين بسبب آرائهم”، إضافة إلى “انحراف في تقييم بعض المؤسسات التعليمية بناءً على تقارير غير موضوعية”، ما يؤشر، وفق البيان، إلى وجود خلفيات شخصية ومصالح غير تربوية تتحكم في القرارات.
وفي السياق ذاته، طالب المكتب الإقليمي للهيئة وزارة التربية الوطنية بـ”فتح تحقيق عاجل ومستقل في كل الممارسات التي عرفتها دورة امتحانات 2025 بسطات، وترتيب المسؤوليات الإدارية”، داعياً إلى الكف عن توظيف لجان التفتيش كأداة للترهيب الإداري أو تصفية الحسابات.
من جهتها، أكدت مصادر حقوقية أن المنظمة الحقوقية التي واكبت بعض مراكز الامتحان خلال دورة ماي 2025، وثقت شكايات عدة لمترشحين ومترشحات تعرضوا لسوء معاملة خلال التفتيش، بينها حالات تم فيها تفتيش التلاميذ بطريقة مهينة، وصلت حد نزع أغطية الرأس أمام الآخرين، ما تسبب في أضرار نفسية واجتماعية جسيمة لبعضهم، خاصة لدى المترشحات.
وفي ختام بلاغها، دعت النقابة جميع القوى التربوية والفاعلين إلى التصدي لما وصفته بـ”إقبار المدرسة العمومية تحت ذريعة محاربة الغش”، معتبرة أن مواجهة هذه الظاهرة لا يمكن أن تتم بمنطق القمع والانتهاك، بل عبر إصلاحات حقيقية، وتكوينات منتظمة، واستراتيجية تربوية دامجة توازن بين المراقبة واحترام حقوق الإنسان.
أمام صمت الوزارة وتكرار الانتهاكات.. هل تتحول محاربة الغش إلى ذريعة للقمع الإداري؟