اغتيال داخل العمق الإيراني: إسرائيل تستهدف “حلقة الوصل” بين طهران وحماس

اغتيال داخل العمق الإيراني: إسرائيل تستهدف “حلقة الوصل” بين طهران وحماس

في تطور لافت يعكس تصاعد التوترات الإقليمية، أعلنت إسرائيل، يوم السبت، عن تنفيذ عملية نوعية استهدفت القيادي في الحرس الثوري الإيراني، سعيد إيزادي، الذي تصفه تل أبيب بـ”حلقة الوصل” بين النظام الإيراني وحركة حماس الفلسطينية. وبحسب بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي، فقد تم تنفيذ العملية خلال ساعات الليل عبر هجوم جوي دقيق شنّته طائرات حربية إسرائيلية، بتنسيق مشترك بين سلاح الجو وهيئة الاستخبارات.

وأوضح البيان أن الغارة الجوية استهدفت شقة سرية في مدينة قم، جنوب العاصمة الإيرانية طهران، كانت تستخدم كمكان اختباء للقيادي الإيراني. وبحسب الرواية الإسرائيلية، فإن استهداف إيزادي جاء نتيجة “جهد استخباري طويل ومعقد”، ما يعكس أهمية الشخص الذي تم اغتياله، وموقعه المركزي في شبكة العلاقات التي تربط طهران بحركة حماس. وتعتبر إسرائيل أن سعيد إيزادي كان المنسق الرئيسي بين فيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني، والجناح العسكري لحماس، الذي تعتبره تل أبيب “تنظيما إرهابيا”.

ويُعد اغتيال إيزادي ضربة نوعية موجهة إلى العمق الإيراني، إذ نادرًا ما تنفذ إسرائيل عمليات داخل الأراضي الإيرانية بهذا الشكل المعلن والمباشر. وتكشف هذه الضربة عن مستوى متقدم من التنسيق الاستخباري والتنفيذ العملياتي، كما تضع علامات استفهام حول اختراق الأجهزة الإسرائيلية للبنية الأمنية الإيرانية، لا سيما في مناطق حساسة مثل مدينة قم، التي تُعد مركزا دينيا وأمنيا بالغ الأهمية.

وتأتي هذه العملية في سياق حرب مفتوحة تدور رحاها بين إيران وإسرائيل، تتجاوز حدود قطاع غزة أو الجنوب اللبناني، لتصل إلى عمق العاصمتين طهران وتل أبيب. إذ باتت المواجهة بين الطرفين متعددة الجبهات، وتشتمل على عناصر عسكرية، استخباراتية، وسيبرانية، كما تنخرط فيها أطراف إقليمية مختلفة، من بينها حلفاء إيران في المنطقة مثل حزب الله والحوثيين، إلى جانب الفصائل الفلسطينية المسلحة.

وتنظر إسرائيل إلى وجود ضباط الحرس الثوري في ساحات المواجهة، سواء في سوريا، لبنان أو الأراضي الفلسطينية، باعتباره تهديدا استراتيجيا مباشرا. ومن هذا المنطلق، تصعد من عملياتها الهادفة إلى تقليص نفوذ فيلق القدس، الذراع العملياتية الخارجية للحرس الثوري، والمسؤول عن تنسيق الدعم الإيراني للفصائل المسلحة، عبر المال، السلاح، والخبرات القتالية.

ويرجح أن تثير هذه العملية غضبا واسعا في طهران، خصوصا في ظل ما يشكله استهداف شخصية بحجم سعيد إيزادي من انتهاك مباشر للسيادة الإيرانية، وخرق أمني كبير من داخل البلد. وقد تدفع إيران إلى التفكير في ردّ، مباشر أو غير مباشر، على هذه العملية، سواء عبر تصعيد ميداني في إحدى الجبهات الإقليمية أو من خلال عمليات انتقامية غير تقليدية.

ومع استمرار التصعيد، تتعزز المخاوف من اتساع رقعة الحرب بالوكالة بين إيران وإسرائيل إلى مواجهة مباشرة أو إقليمية شاملة، خاصة وأن اغتيال شخصيات رفيعة داخل إيران ينذر بتجاوز خطوط حمراء كانت حتى وقت قريب غير قابلة للعبور. وبينما لا تزال تداعيات هذا الاغتيال تتضح، يبقى المشهد مفتوحًا على كافة الاحتمالات، بما فيها انفجار الوضع على جبهات متعددة في المنطقة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *