راس العين الشاوية… جماعة على هامش الزمن: “البارود” أولى من التنمية

راس العين الشاوية… جماعة على هامش الزمن: “البارود” أولى من التنمية

في الوقت الذي تنشغل فيه أغلب الجماعات الترابية بالمملكة بوضع برامج تنموية واستشراف مستقبل يضمن الحد الأدنى من الكرامة لمواطنيها، يبدو أن جماعة راس العين الشاوية اختارت طريقًا مختلفًا، عنوانه: “الفرجة أولاً… والباقي مؤجل إلى أجل غير مسمى”.

فعلى امتداد السنوات الأخيرة، أضحت هذه الجماعة القروية، التي يفترض أنها جزء من مغرب اليوم، أسيرة لبرنامج سنوي وحيد: تنظيم مواسم “التبوريدة”. فبعد موسم “مهرجان رأس العين الشاوية”، الذي انتهى قبل أسابيع قليلة، عادت الجماعة إلى سباتها المزمن، دون أي أثر لمشاريع بنية تحتية، لا طرق، لا ماء صالح للشرب، لا ملاعب، لا مرافق صحية، ولا حتى رؤية مستقبلية تنموية واضحة، الى تنظيم موسم سيدي محمد البهلول دورة 18 في نفس المكان

والسؤال الذي يطرحه سكان الجماعة، ومعهم الرأي العام المحلي، هو: هل أصبحت راس العين فعلاً جماعة صاعدة في التنمية المستدامة، أم أنها تراجعت إلى ما يشبه زمن النسيان؟
إن زيارة بسيطة إلى تراب الجماعة كفيلة بإعادتك عشرين سنة إلى الوراء، حيث البؤس هو العنوان العريض، والإهمال هو القاعدة، وليس الاستثناء.

الطرقات، أو ما تبقى منها، مهترئة أو غير موجودة أصلاً. شباب المنطقة يواجهون انسداد الأفق، وسط بطالة خانقة، وتهميش مدقع. أما الأطفال، فمدارسهم غالبًا ما تفتقر لأبسط التجهيزات، والمرضى يجدون أنفسهم في رحلة عذاب نحو أقرب مركز صحي مجهز… إن وجد.

ورغم هذا الواقع، لا يزال المسؤولون بالمجلس الجماعي أغلبية ومعارضة يراهنون على البارود والفرجة، متجاهلين أولويات السكان وحقهم في العيش الكريم. فهل يعقل أن تظل جماعة بكاملها رهينة لموسم سنوي لا يتعدى أيامًا معدودة؟ وهل من المنطق أن تصرف ميزانية الجماعة على “فنطازيا” فيما تعيش الساكنة في انتظار قنينة ماء أو طريق يربطهم بالحياة؟

الساكنة اليوم تتساءل:
أفيكم رجل رشيد يوقف هذه المهزلة؟
ألا يستحق أبناء راس العين أن يكون لهم نصيب من التنمية، بدل أن يُختزل وجودهم في طلقات بارود موسمية سرعان ما تتبخر في الهواء؟

إن الوقت حان لإعادة النظر في أولويات الجماعة، ووضع حد لهذه “السيبة التنموية”. فموسم البارود لا يمكن أن يكون غطاءً للإفلاس التنموي، ولا ذريعةً لتخدير ساكنة أنهكها الإقصاء والنسيان.

راس العين تستحق أفضل من ذلك، وسكانها لا يطالبون بالمستحيل، فقط بأن يُعاملوا كمواطنين كاملي الحقوق في وطن يقال إنه يسير نحو النموذج التنموي الجديد.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *