سطات… المدينة التي أثقلها الإهمال

سطات… المدينة التي أثقلها الإهمال

بقلم:بوشعيب نجار 

“القشة التي قصمت ظهر البعير”… عبارة تصلح لتوصيف الحالة المتدهورة التي تعيشها مدينة سطات، عاصمة الشاوية التي طالما كانت قبلة للفلاحة والتعليم ومفترق طرق حيوي، فإذا بها اليوم تئن تحت وطأة الإهمال والتهميش، تبحث عن أفق تنموي مفقود، وتنتظر رؤية تضعها على سكة التنمية المستدامة التي ما فتئ جلالة الملك محمد السادس نصره الله يؤكد على ضروريتها في كل ربوع الوطن.

سطات المدينة المتوسطة التي يفترض أن تجمع بين عبق التاريخ ودينامية الحاضر، باتت أقرب إلى بعير أثقله الحمل، وقشة الإهمال الأخيرة كانت كافية لكسر توازنها. يكفي أن تتجول في شوارعها حتى تلمح مشاهد البداوة في العمران، وغياب أي تخطيط حضري واضح، أما الحي الصناعي، الذي كان من المفترض أن يكون رافعة للتشغيل، فقد تحول إلى أشباح بنايات مهجورة تصرخ بصمتها، شاهدة على مشاريع تنموية لم تكتمل.

أبناء سطات يعانون. الشباب يواجهون شبح البطالة وانعدام الأفق، والمدينة تفتقد لأبسط مقومات الجذب والاستقرار. والقطاع الصحي، بدوره، لا يختلف كثيرًا عن باقي القطاعات؛ المستشفى الإقليمي، الذي من المفروض أن يكون ملاذًا للمرضى، لا يتجاوز في خدماته مكتب بريد يُحال منه المواطن إلى مصحات خاصة أو مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء، في رحلة بحث عن العلاج قد لا تنتهي. الأطباء يغادرون والمواطن يبقى رهينًا لانتظار طويل ومعاناة أكبر والمندوب خارج التغطية .

المقلق أن الوضع لا يقتصر على قطاع دون آخر، بل هو تدهور شامل: غياب للمرافق الثقافية، تراجع في مستوى الخدمات العمومية، انعدام لمشاريع مهيكلة، وتغافل واضح من المنتخبين والمسؤولين عن الاقليم . كيف لمدينة يفوق عدد سكان إقليمها 650 ألف نسمة أن تبقى بلا رؤية واضحة، ولا تدخل حقيقي يعيد لها نبضها؟

سطات اليوم لا تحتاج إلى خطابات إنشائية أو وعود انتخابية عابرة، بل إلى تدخل عاجل ومقاربة تنموية شاملة تعيد الاعتبار لمدينة لها من المؤهلات ما يجعلها فاعلًا رئيسيًا في النسيج الجهوي والوطني. إنها دعوة لكل من يملك القرار والغيرة على الوطن، أن يلتفت إلى هذه المدينة الجريحة… قبل أن تنهار تحت مزيد من القش.

يتبع …..

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *