رواية حلم جنيس ترسيخ لأدب حقوقي جديد ومناهضة العنصرية
أولا : هذه الرواية للأديب الفنان والحقوقي عبد الحميد البجوقي. وأنها قيد الطبع. وكان لي شرف الإطلاع عليها قبل تسليمها المطبعة من أجل إبداء الرأي فيما يتصل بالقانون المغربي بوقائع الرواية.
وبالمناسبة قد إستأذنته لأخد هذه الشحنة من داخلي.
ثانيا: هذه الرواية وبعيدا عن عرض وقائعها تشكل ترسيخا فعليا لأدب حقوقي يظهر لأول مرة مع هذا المبدع الذي لا يستطيع إلا أن يكون مناضلا من أجل قيم الإنسانية وحقوق الإنسان. أدب يشدك بلغته السلسة و وقائعه الكثيفة دون حشو أو إطناب. وقائع معاشة حاليا وتشكل أخطر مواضع حقوق الإنسان وإهتمام المنظم الدولي بدوله وحركاته ومنظماته و أحزابه وقوانينه. أدب من جنس رواية على درجة رائعة من الإتقان الحكائي.
أدب يجعلك أن تمنح لحميد أوسكارا في المونتاج السينمائي، بما يعني أنه يدخلك في عوالم مختلفة تتساءل خلالها في البداية ماعلاقة هذا بذاك إلى أن تكتشف تلاقي الأحداث في نقطة معينة بأسلوب رائع وبتقنيات كتابية تعبر عن معرفة عالية بتقنيات المغامرة السردية.
حميد البجوقي يفرض على المجتمع الدولي والمتقدم أن يرد عليه في شأن واقع العنصرية والتمييز التي تعتبر من أبشع جرائم الإنسانية وتعبر عن بقايا همجية الانسان.
لازال حميد يؤلم بهذا النوع السردي ويؤنب الضمير الإنساني ويكشف عن الخلل والفيروس المسؤول عن همجية الانسان الذي هو العنصرية والميز بكل أصنافه. يسائل الأنظمة والدول والجماعات كما يسائل الفرد المثقل بهذه الفيروسات التي تسيطر على بعض العقليات.
لابد أن يرد أدبيا وروائيا. إن روايات حميد البجوقي سواء الأخيرة أو ثلاثية عيون المنفى هي صرخة فنية روائية ضد إضطهاد الإنسان ضدا على أسمى القوانين ،وهي قوانين حقوق الإنسان.
إنه الأدب الحقوقي وليس أدب المقاومة وليس أدب المهجر.
أدب المقاومة إنبنى على الوطنية المؤسسة على الدين والقومية.وكانت ثقافة حقوق الإنسان لازالت بعيدة عن الإدراك لأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم يصدر الا في أواخر 1948 في 10 دجنبر.
أدب المهجر رسم حياة المهاجرين ومعاناتهم من العمل والدراسة والعيش ولو في حدود وتكوين أسرة ورصد نمط الحياة….
أدب حقوق الانسان يعني الإنخراط من موقع القوة والهجوم ضد القيم غير الحقوقية بتعريتها وإظهار بشاعتها وعدم ترك مقترفيها مرتاحين في مواقعهم وكراسيهم.
لا يهم حميد هل هو جنوبي أو من العالم الثالث أو بدون عمل أو بدون أوراق وهو في إسبانيا العالم المتقدم الأوروبي جنة الجنوبيين ما يهمه بل وما يعيه و أسطر على هذه العبارة وما يعيه فقط فقط فقط هو أنه حقوقي يريد فضح الخرق البشع فضحا بشعا ويحيطه بهالة من النضالآت إلى درجة التراجع عنه. وهو يريد تغيير الواقع لا الإندماج فيه والإستكانة له باحثا عن “طرف د الخبز” حميد كشخصية موجودة في النص الروائي عبر فلان أو فلان أو مقسم في شخصيتين أو أكثر أو مقتبس من أشخاص آخرين يشبهونه شخصية دخلت المجتمع الأوروبي وتصحح أخطاءه ومالت إحترام نخبة البلد المضيف..
عالم حميد البجوقي يرصد فيه جميع خروقات حقوق الإنسان المنبثقة عن عنصريات متعددة؛
عنصرية المنشأ الاجتماعي
عنصرية اللون
عنصرية الدين
عنصرية المكانة الاجتماعية
عنصرية تسوية الوضعية
عنصرية الجنس
وداخل كل عنصرية عنصريات.
ثالثا: لابد من الوقوف على أقوى صرخة حقوقية بجوقية:
“لايمكن أن يكون الإنسان سريا”
هذه هي صرخة حميد الحقوقية. هذه العبارة تدعو الأمم المتحدة بملاءمة ترسانتها الحقوقية مع هذه الجملة الفلسفية الحقوقية الإنسانية.لا مجال لرمي حق الهجرة إلى القوانين الوطنية التضييقية والعنصرية
يجب القضاء على عنصرية إنسان بالأوراق علني وإنسان بلا وراق سري. هناك إنسان كريم وفقط. ومتى كان الإنسان هذه الثروة العظيمة وجب الإسراع في إنجاز أوراق إقامته وإسكانه وتوفير سبل إندماجه في المجتمع.
يذكرني الأمر بقضية الطفل الذي لا يولد من زواج رسمي في بعض البلان فيسمى ولد زنا او ولد الحرام ( عنصرية طريقة الولادة)
شخوص رواية حلم جنيس وسابق الروايات يحاولون إيجاد موطيء قدم من موقع المطالبة بالحق برأس مرفوع وأدوات السياسة والنقاب وجمعيات المجتمع المدني وإستثمار أي معطى لتحصين الحق ( حالة إستثمار رجل دين تقدمي وكنيسته.
كنت أتمنى أن يكون إسم الرواية إنسان سري. لتكون الإدانة فاضحة للمجتمع الأوروبي صانع حقوق الإنسان و الثورة الفرنسية والثور الدينية الألمانية التي تصبغ إنسانا بأنه سري. نعم ليس عندهم ابن زنا وحرام ولكن لازال عندهم إنسان سري لمجرد أنه ليست لديه أوراق إقامة أو ما شابه و أن تلك الأوراق قد تذهب من أجلها أرواح وتتكسر من جرائها قلوب أمهات وأباء وأبناء وإخوة وزوجات وووو.
رابعا: أما سهيل وسهام هذا الثنائي المتفرقان في الذكر والأنثى والمجتمعان في إيقاع صوتي واحد وايقاع داخلي واحد من تقنيات البجوقي الجمالية ، التي نجد إلى جانبها تقنيات أخرى مثل استثمار حادث واقعي (موت تاجر السمك بالحسيمة الذي كان شرارة الحراك) والسفر به إلى مكان أخر وزمن آخر وتوظيف آخر شادا القارئ إليه من خلال هذه الواقعة.
إذن الحس السياسي والحقوقي والجمالي لا ينفصلون في هذه الكتابة الجديدة و إن إختلفت شيئا ما عن ثلاثية عيون المنفى، بل هي عملية واحدة تعبر عن مؤلف عاش مناضلا في حق الهجرة حقوقيا يناهض الميز والعنصرية لا يفصل في حياته بين هذه النضالات وحياته الخاصة.
إنها تأتي في نفس واحد وهو النفس الحقوقي.