التعليم في سطات بين مطرقة العنف وسندان غياب المسؤولية الأسرية

التعليم في سطات بين مطرقة العنف وسندان غياب المسؤولية الأسرية

بقلم: بوشعيب نجار

تعيش المؤسسات التعليمية بمدينة سطات هذه الأيام على وقع انفلات أمني غير مسبوق، بات يهدد ليس فقط السير العادي للدراسة، بل أيضا حياة التلاميذ والأطر التربوية على حد سواء. فقد كشفت معطيات خطيرة عن ظواهر حمل التلاميذ لأسلحة بيضاء داخل المحفظات، واستخدامها أحيانا للاستعراض أمام زميلاتهم في مشاهد صادمة، تنذر بانهيار خطير لمنظومة القيم داخل المدرسة العمومية.

حوادث متكررة تؤكد هذا الواقع المؤلم؛ ففي مؤسسة محمد عابد الجابري الإعدادية وثانوية القدس، جرى ضبط ما يفوق 30 سكينًا من الحجم الكبير بحوزة تلاميذ ناهيك عن السب والقذف في حق الأساتذة، فيما فتحت ولاية أمن سطات تحقيقات موسعة في ثانوية ابن عباد بخصوص سرقات متكررة لهواتف التلاميذ. ولا يختلف المشهد كثيرًا بثانوية الرازي، حيث تسجل حالات استهلاك للمخدرات داخل ساحة المؤسسة في تحد سافر لكل القوانين والأخلاقيات.

ما يحدث اليوم ليس مجرد حوادث معزولة، بل هو مؤشر خطير على فشل متعدد الأبعاد منها فشل أسري وتربوي ومجتمعي. فحين يتباهى المراهقون بحمل السكاكين، ويتعاطون المخدرات دون خوف أو خجل داخل أسوار المدرسة، فإن السؤال البديهي الذي يجب أن نطرحه هو: أين دور الأسرة؟ وأين الرقابة الأبوية؟

من السذاجة أن نحمّل المدرسة وحدها عبء التربية. المدرسة مكان لتلقي العلم والمعرفة، أما التربية فهي تبدأ أولًا من البيت. المسؤولية الأولى تقع على الآباء الذين تهاونوا في أداء دورهم التربوي، فسلموا أبناءهم للشارع ولرفاق السوء، ثم انتظروا من الأستاذ أن يصنع المعجزات. كذلك الأم مهما كانت حنونة أو متفانية، لا تستطيع وحدها ضبط سلوكيات الأبناء في غياب أب مسؤول، حاضر ومتابع.

كما أن هذه الظواهر تعري هشاشة القوانين الداخلية للمؤسسات التعليمية التي باتت عاجزة عن التصدي لكل أشكال الانحراف داخل أسوارها، بسبب غياب الدعم من الجهات المعنية، وقصور التشريعات الردعية، وغياب بيئة تربوية حاضنة.

لقد دق ناقوس الخطر. نحن أمام جيل يعاني أزمة قيم حقيقية، جيل لا يهاب القانون ولا يوقر الأستاذ، ولا يحترم المؤسسة التي يفترض أن تحتضن مستقبله. جيل كهذا لا يمكنه أن يبني وطنًا، ولا أن يحقق أحلام تنميته.

لذلك، صار لزامًا على الجميع التعبئة الفورية: الأسر، جمعيات المجتمع المدني، الفاعلين التربويين، والمؤسسات الرسمية. نحتاج إلى حملات تحسيسية، دعم نفسي داخل المؤسسات، تقوية المراقبة والتأطير، والأهم من ذلك استعادة الأسرة لدورها المحوري قبل أن نصحو على جيل ضائع بالكامل.

إن استمرار هذا الوضع دون تدخل جذري سيكون ثمنه باهظًا، لا على مستوى التعليم فقط، بل على مستوى المجتمع برمته.

2 thoughts on “التعليم في سطات بين مطرقة العنف وسندان غياب المسؤولية الأسرية

  1. كلام صحيح.. دور الأسرة أصبح منعدما في السنوات الأخيرة و كذلك ضعف التشريعات داخل المؤسسات ساهما في تفشي هاته الظواهر

  2. يجب إعادة النظر في المناهج و البرامج ، هل يعقل ان يقضي التلميذ ايام الاسبوع في المدرسة و عندما يرجع إلى البيت يجلب معه الواجبات المنزليه ، يجب تقليص ساعات الدراسة و تعويضها بالأنشطة الموازية ، اما تلميذ اليوم فقد مل

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *