الحاجة…الى اليسار التشاركي….والاسلام الخدماتي

ماحدث في الثلاثة الأيام ،هو محصلة كاملة لما بعد أحداث الربيع العربي…التي خلقت بُعْدَ المسافة بين الشارع والفاعل اليساري والإسلامي ….وكلاهما رغم تشدقهما بكل مفردات وقيم الديمقراطية كخطاب و ديباجة في كل البيانات…الى ان التباعد كان واضحاً بين المواطن والاحزاب المكونة لهذين الفريقين…..
لا يمكن إنكار ان الأصولية اليسارية والإسلامية في المغرب هي نتاج استقطاب كل ماهو مشرقي لعدة عقود…فحتى التكتيكات السياسية في الصراع مع السطلة ظلت حبيسة لما حدث في المشرق العربي…وهذا ما خلق غربة وصقيع بين المواطن وهذه الحركات،خصوصًا في منعرج القضية الوطنية وهي الصحراء…جعل اليساري والاسلامي سكارى وماهم بسكارى..

بل أن النزال تحول بحشو المجتمع بنقيض إحساسه وقناعاته التي بناها بعيدًا عن المقرات الحزبية…حيت أن الفيس اصبح مقره السياسي يأخد منه لاعادة غربلة قناعاته ورؤيته لقضاياه ومصيره….
الأستاذية التي مارسها كلا الفصيلين اليساري الحدي والإسلامي على قناعات المواطن…جعلتهما يتكلمان عن المجتمع بخطاب الوصاية….لحد أن وزير التشغيل،تكلم كممتل للمجتمع المغربي،وهروب اغلب المكون الاسلامي الى الصمت….
مشكلت اليسار الحدي والإسلامي في المغرب…أنهما يحددان منطلقاتهما…من ما تفضي اليه نزالات المشرق…فعندما يحمل الاسلامي هَمَّ مؤسسات إسلامية غير مغربية(هيئة علماء المسلمين)..يفرغ مدلوله الوطني…التجربة لما بعد الربيع العربي و صعود المكون الاسلامي الى الحكومة…كانت كافية للفاعل الاسلامي ان يفهم أنه يجب ان يتحول من خطاب الواعظ الاسلامي…الى اسلام خدماتي،يستجيب لمتطلبات ليس حياته اليومية المادية فحسب ولكن ان يتبنى تحليله للقضايا الوطنية ذون تلك السلطة الابوية في الظغط عليه لادخاله قالب معين لا يمثله…
لم يعدم اليساري الحدي،ان سقط في نفس مايعيبه على الاسلامي…وهو غباء التمثلات بين كلا الفصيلين…فلكي يصير يسارًا تشاركياً مع حاجيات المواطن،وتبني خياراته…والمساهمة في الدفع برفع من أفقه الذي تبناه…يتحول هذا الفصيل الغريب حتى على كل القراءات الايديولوجية اليسارية في كون حقل اليسار هو استجابة لطموح ورهانات المواطن،الى كابح لافق جديد يرى المواطن نفسه فيه….
إن الهزات التي حدث بعد قرار المغرب…بينت الخواء بين كلا الفصيلين اليساري الحدي والاسلامي والمجتمع….لتصير المؤسسة الملكية ليس الضامن لطبيعتها الدستورية…بل الحاضنة لكل احلام المجتمع،بمفردات العصر….

ان كارثة الاسلامي،ان تصويت المواطن عليه…لم يكن من أجل فتح مكة ولا المقدس…ولا من أجل فتوى الوضوء…بل من أجل أن تبسط له بعض من الدنيا….
الاتفاق الاخير بين أقوى دولة في العالم والمغرب…أكدت ،ان جبهة البوليساريو قد تكلست مفاصلها….والكارثة،انها نفس الحالة الفيزيائية أصابت الاسلامي واليساري…وإذا لم يغيرا دفة تفكيرهم الى الحاجة الوطنية بدل ان يسكنا ارتدادات المشرق….فكلاهما اصبح أقرب الى شفطة دورة المياه العادمة.
حكيم العسبي.