افتتاحية مجلة 24…أهلا بالتطبيع

افتتاحية مجلة 24…أهلا بالتطبيع

إن العديد من الدول، اختارت منذ أمد طويل، أن تعقد علاقات مع اسرائيل، في الخفاء في جنح الظلام، وفي واضحة النهار ظلت تعمل على تسويق الأوهام للشعوب، وتركب عواطفها وأهواءها لتؤجج حبا موهوما لدى الناس.
لقد أفلت اليوم نجوم الخطاب الشعبوي، الذي دثرنا ولم يرغب وعن قصد فتح عيوننا ،على زمن التحولات القوية والمتسارعة. فبعد الحرب الباردة ونهاية انشطار العالم إلى كتلتين متعارضتين، دخل إلى مرحلة تدويل كل قضاياه يتاجر بها ويعقد حولها الصفقات.
كنا في خضم هذه الأحداث والتحولات، نجتر دفاعا مكلفا لحماية وحدتنا الترابية، والتي أبى معها جيراننا، لجر ما يمكن من الأشقاء كي ظل المشكل قائما والحدود متوترة.
ولم يتوان جزء من الفلسطينيين، في الاصطفاف بجانب حركة وهمية والإعلان عن دعمها، واعتبارها جمهورية لها أرض وشعب وطالب سفير دولة فلسطين بالجزائر بتقرير مصيرها.
كل شيء كنا قادرين على هضمه، إلا أن يقف بعض الاشقاء ضد وحدة ترابنا الوطني، وهو ما برهن المغاربة طيلة 47 سنة بغير الاستعداد، لقبوله مهما كلفتهم التضحيات، من ثمن باهض على حساب مشاريع النمو والتطور الاجتماعي.
كان لا بد أن نستيقظ من أوهامنا القديمة، لندرك أن ما يحرك الدول مصالحها القومية، وأمن ترابها الوطني. في علاقات دولية تحترم سيادة ومواقفها الوطنية النابعة من مصالح الدفاع عن قضاياها الحيوية .
لقد انخرطت العديد من الدول العربية والافريقية، في الاعتراف بسيادتنا الوطنية على جزء، من ترابنا الوطني جنوب المملكة، وسارعت لتأكيد اعترافها بمغربية الصحراء، بفتح التمثيليات الديبلوماسية بكل من الداخلة والعيون ..واليوم يتوج هذا الانتصار باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، وهو اعتراف لم يكن بعيدا عن الاعتراف الاسرائيلي بسيادتنا الوطنية.
لا ننسى أن مليونا من الإسرائيليين، وفي خضم المناوشات التي عرفتها منطقة الكركرات، خرجوا للشوارع في مدينة أشدود خامس المدن الاسرائيلية، للتعبير عن تعاطفهم مع المغاربة في قضية وحدتهم الترابية، ورفعوا أعلامنا الوطنية وصور ملوكنا، من المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني إلى وارث عرشه، وتغنوا بأناشيد المسيرة واصطفوا وراء الحق الذي كان موضوع مساومات خاسرة على مدى عقود من طرف بعض الأشقاء.
لنكن واضحين، مصالح المغاربة فوق كل اعتبار، أما من يحنون إلى زمن الشعارات والأوهام القديمة، التي لم تنتج سوى البؤس والشقاء للشعوب العربية. لم يعد لهم مكان للانتشاء بالهزائم، التي حصدنا على امتداد القرن الذي ودعناه، وعليهم اليوم التعاطي مع العالم وقضايا، بما يقتضي من براغماتية ونفعية لفائدة الوطن أولا وأخيرا. وأهلا بالتطبيع.
الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت عن افتتاح قنصلية لها بالصحراء المغربية، لدعم التعاون الاقتصادي في الصحراء المغربية التي قادها عاهل البلاد لأن تصبح الامتداد الطبيعي مع العمق الإفريقي، على كل المغاربة أن يفتخروا بهذه الإنجازات التي تعد المدخل الحقيقي والتاريخي، للحاق بصفوف الاقتصاديات الصاعدة وتوديع مظاهر الخصاص، الذي كلفنا الكثير، لحماية التراب الوطني بما صرف على الترسانة العسكرية.
اليوم علينا أن نظل جبهة واحدة وراء عاهل البلاد، ووراء كل المبادرات التي يسعى إلى إنجازها، لرفع التحديات في مواجهة مظاهر التخلف والعوز.
علينا أن نتحلى بالشجاعة المطلوبة في هذا السياق، وأن لا ننساق وراء الشعارات الشعبوية، التي سيبدأ بعض مرضى الشعارات في الترويج لها.

بقلم فؤاد الجعيدي

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *