معدلات التوحّد تتضاعف عالميًا… والخبراء يكشفون الأسباب

معدلات التوحّد تتضاعف عالميًا… والخبراء يكشفون الأسباب

تشهد السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في تشخيص اضطراب طيف التوحّد على الصعيد العالمي، وزاد اهتمام الرأي العام بالموضوع بعد تصريحات مثيرة للجدل للرئيس الأميركي دونالد ترامب.

لكن خبراء يؤكدون أن الزيادة في الأرقام لا تشير إلى “وباء جديد”، بل تعكس تحسن الوعي وتطور طرق التشخيص، مع احتمال مساهمة بعض العوامل البيئية.

تشير بيانات المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض إلى أن انتشار التوحّد ارتفع من حالة واحدة بين كل 150 طفلًا عام 2000، إلى حالة واحدة بين كل 31 طفلًا في 2022.

ويقول الطبيب العالمي ستيفن كواي من سياتل إن التوحّد لم يعد “ظاهرة نادرة في الكتب”، بل أصبح واقعًا يوميًا في المدارس والعيادات.

الاختصاصية النفسية آغي بابازيان توضح أن جزءًا كبيرًا من الزيادة يعود إلى توسّع معايير التشخيص، والفحص الروتيني، ورصد الحالات الخفيفة التي كانت تُهمل سابقًا، بالإضافة إلى تحسن وصول الأسر إلى الخدمات الصحية.

وتشدّد بابازيان على أن القفزة لا تمثل زيادة بيولوجية مفاجئة، بل تعكس رصدًا أدق مع احتمال زيادة حقيقية لكنها ليست بالدرجة الدراماتيكية للأرقام.

من جانبه، يحذّر كواي من ربط كل الارتفاع بتحسين التشخيص فقط، مشيرًا إلى أن التغيّرات البيئية قبل الولادة وأثناء الطفولة قد تلعب دورًا متفاوتًا.

ويؤكد أن التركيز على التخفيف من عوامل الخطر المعروفة، مثل التعرض للملوّثات، ودعم الصحة الأمومية والطفولية أمر ضروري.

جاءت هذه التصريحات عقب مؤتمر صحافي في واشنطن تناول أسباب التوحّد المحتملة وسياسات اللقاح وأبحاث أدوية جديدة قد تساعد في بعض الأعراض.

وأشار الخبراء إلى أنه لا توجد نظرية واحدة تفسر اضطراب التوحّد، وأن اللقاحات آمنة وضرورية وفق الإرشادات الصحية المعتمدة.

أهم الاحتياجات الحالية للمصابين وأسرهم تتمثل في توسيع خدمات التشخيص، خصوصًا في المجتمعات المحرومة.

كما تشمل التدخلات المبكرة علاج مشكلات النطق، والعلاج الوظيفي، والدعم السلوكي.

وتعد استمرارية الرعاية لمرحلة البلوغ، بما في ذلك الصحة النفسية وتنمية المهارات الحياتية، ودعم الاندماج الوظيفي، أمرًا ضروريًا.

بابازيان ترى أن زيادة الوعي والقبول المجتمعي وتقليل الوصمة عوامل حاسمة لتوجيه الموارد إلى “حيث الحاجة الفعلية”.

يتوقع الخبراء استمرار ارتفاع أرقام التشخيص على المدى القريب مع تحسن الكشف المبكر.

إلا أنهم يعتقدون أن الأرقام ستستقر لاحقًا إذا ما حُدِّدت العوامل البيئية الممكنة وعولجت.

كما يشدد الخبراء على أهمية التثقيف المجتمعي لتسهيل دمج الأطفال المصابين في المدارس والمجتمع.

وتؤكد الدراسات أن التدخل المبكر يحسّن بشكل ملحوظ من المهارات الاجتماعية والسلوكية للأطفال.

كما يُنصح الأهالي باللجوء إلى فرق متعددة التخصصات لضمان تلقي دعم شامل.

الخبراء يؤكدون ضرورة متابعة الحالة الصحية النفسية للأطفال خلال مراحل نموهم المختلفة.

وتشير البيانات إلى أن الفئات العمرية بين 3 و12 عامًا هي الأكثر استفادة من برامج التدخل المبكر.

ويحث المختصون على تعاون المدارس والمراكز الصحية لتقديم دعم متكامل.

كما يُنصح صناع السياسات بتوفير ميزانيات إضافية لتوسيع الخدمات الموجهة لهذه الفئة.

وفي الختام، يرى الخبراء أن رفع الوعي المجتمعي والاستثمار في التشخيص المبكر سيشكلان حجر الزاوية لتحسين حياة المصابين وأسرهم.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *