الأزمة الصحية بأكادير تكشف عمق الخلل وتسرّع التدابير الاستعجالية

الأزمة الصحية بأكادير تكشف عمق الخلل وتسرّع التدابير الاستعجالية
بقلم: ذ. عابد مصطفى

 

شهد المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير في الأيام الأخيرة موجة من الاحتجاجات العارمة، قادها مواطنون غاضبون من تدهور مستوى الخدمات الصحية داخل هذا المرفق الحيوي. المحتجون عبروا عن استيائهم من غياب المعدات الأساسية، النقص الحاد في الموارد البشرية، وتكرار حالات التغيب بين بعض الأطر الصحية. هذه الوضعية لم تكن وليدة اللحظة، بل نتيجة تراكمات طويلة جعلت المستشفى عاجزاً عن الاستجابة لحاجيات الساكنة.

في خضم هذه الأزمة، قام وزير الصحة والحماية الاجتماعية بزيارة ميدانية عاجلة إلى المستشفى رفقة وفد رسمي. الزيارة أسفرت عن قرارات جريئة تمثلت في إعفاء مسؤولين كبار، على رأسهم مدير المستشفى والمديرة الجهوية للصحة، إضافة إلى تشكيل لجنة مركزية للوقوف على الاختلالات، وتخصيص غلاف مالي مهم لإعادة تأهيل البنية التحتية المتهالكة.

التداعيات المحتملة للاحتجاجات

الاحتجاجات الأخيرة برهنت على أن صوت المواطن حين يوظف بشكل جماعي وسلمي، يمكن أن يكون قوة ضغط حقيقية على صانع القرار. ما جرى في أكادير أعطى مثالاً على أن المطالب الشعبية لم تعد تُهمّش، بل قد تؤدي إلى تغييرات إدارية ملموسة.

التجاوب السريع للوزارة بإجراءات حاسمة، من إعفاءات وتشكيل لجان، يعكس بداية تحول من مرحلة الخطابات إلى الفعل. هذا التحرك قد يشكل نموذجاً يحتذى به في باقي الجهات التي تعرف أوضاعاً مشابهة.

هذه الأحداث سيكون لها أثر مباشر على صورة المنظومة الصحية. فإذا التزمت الوزارة بوعودها ونجحت في تحسين الخدمات، ستستعيد جزءاً من ثقة المواطن. أما إذا بقيت القرارات حبراً على ورق، فإن حالة الإحباط قد تتفاقم.

الأزمة كشفت هشاشة طرق تدبير بعض المرافق الصحية. وقد تدفع نحو مراجعة عميقة لأنماط التسيير، سواء عبر تعزيز الرقابة، أو إصلاح آليات التدبير المفوض، أو حتى إدخال إصلاحات تشريعية تمنح استقلالية أكبر للمؤسسات الصحية الجهوية.

التحدي الأكبر أمام وزارة الصحة اليوم هو ضمان أن لا تكون هذه القرارات مجرد رد فعل ظرفي، بل نقطة انطلاق لإصلاح حقيقي وشامل. فالمواطن ينتظر خدمات ملموسة: دواء متوفر، تجهيزات حديثة، وأطباء في أماكنهم، قبل أي وعود أو زيارات رسمية.

إن احتجاجات مستشفى الحسن الثاني بأكادير لم تكن سوى ناقوس خطر يقرع بشدة. وقد أجبرت الوزارة على التحرك الفوري. لكن الرهان الحقيقي يبقى في تحويل هذه الإجراءات إلى إصلاحات مستدامة تعيد الاعتبار لحق المواطن في العلاج الكريم واللائق.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *