صدمة في قلب «بي بي سي» : إستقالات جماعية تهزّ أحد رموز الإعلام البريطاني
في ما يُعدّ من أكبر الأزمات التي تواجهها BBC منذ عقود، أعلنت المؤسسة الإعلامية البريطانية اليوم إستقالة كلّ من المدير العام Tim Davie و رئيسة قسم الأخبار Deborah Turness، بعد تسريب تقرير داخلي إلى الصحيفة البريطانية «ذا تليغراف» إتهم بوقوع «فشَلٍ تحريريّ» و تَغَلغُل إنحياز مؤسسي تجاه قضايا مثل التغطية الأميركية لقضية Donald Trump، و نزاع الشرق الأوسط، و قضايا المتحوّلين جنسياً، ما أُشعل شكوكاً واسعة في مصداقية البثّ و حياده.
التقرير الداخلي، الذي أعدّه مستشار سابق للمعايير في المؤسسة، أشار إلى أن إعداد وثائقيًا في برنامج “Panorama” قد دمج بين مقطعين من خطاب ترامب ليبدو و كأنه يدعو إلى إقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021، و هو التلاعب الذي وصفته عديد من الأطراف بأنه «خطأ مهني جسيم».
ردًّا على ذلك، هدد ترامب بمقاضاة «بي بي سي» بمليار دولار إذا لم تتحرّك بحلّ هذه القضية و تسوية ما إعتبره تشويهاً لصورته.
تعاني المؤسسة الآن من أزمة ثقة متجدّدة حيث يقول محلّلون إن أهم ما تملكه «بي بي سي» – و هي الثقة – في خطر، خصوصاً أن الآلية التي تمويلها عبر ترخيص التلفاز تُراجع في ظلّ تراجع عدد المشتركين و إرتفاع المنافسة الرقمية.
المسألة لم تعد مجرد أخطاء فردية بل تحوّلت إلى سؤال جذري حول كيفية إدارة المؤسسة، و مَن يتحمّل دور الحوكمة و المساءلة، و ما إذا كان مجلس الإدارة و القيادة التنفيذية فعلاً يمتلكان إستقلالية كافية لإتخاذ قرارات مهنية من دون ضغوط سياسية أو تجارية.
في خضمّ هذا كله، تواجه “بي بي سي” إستحقاقاً حساسّاً : مراجعة عقدها الرسمي (الـ Charter) الذي ينظم تمويلها و عملها في عام 2027. أيّ ضعف في المؤسسة الآن قد يغذّي مطالباً بإصلاح جذري أو حتى إضعاف دورها كمقدّم خدمات إعلامية عامة.
إلى أين تتجه هذه الأزمة ؟ هل ستنجح “بي بي سي” في إستعادة مكانتها و إصلاح الإعوجاج الداخلي ؟ أم أن هذه اللحظة تشكل نقطة تحوّل قد تغيّر طبيعة المؤسسة التي إعتُبرت على مدى عقود مرجعية إعلامية عالمية ؟

