تراجع الحكومة الأمريكية عن تمويل علوم المناخ يفتح الباب لإزدهار غير مسبوق لشركات البيانات الخاصة
يشهد قطاع البيانات المناخية في الولايات المتحدة تحولاً لافتاً بعد تقليص الحكومة دعمها و تمويلها لبرامج البحث العلمي المرتبطة بتغير المناخ، ما أدى إلى توسع سريع لشركات خاصة وجدت في هذا الفراغ فرصة لفرض حضورها و تقديم خدمات تتزايد الحاجة إليها في قطاعات متعددة.
و يأتي هذا التحول في وقت تتنامى فيه الحاجة إلى بيانات دقيقة حول المناخ و الظواهر البيئية، سواء لدى الحكومات المحلية أو الشركات الكبرى أو المؤسسات المالية التي باتت تعتمد بشكل متزايد على مؤشرات المخاطر المناخية لاتخاذ قراراتها الإستراتيجية.
و تشير المعطيات المتداولة إلى أن الإنسحاب التدريجي للحكومة من بعض مشاريع البحث المرتبطة برصد التغيرات المناخية و قياس الإنبعاثات و تأثيراتها، دفع العديد من الفاعلين الخواص إلى تعزيز إستثماراتهم في تقنيات الإستشعار عن بُعد و نماذج التنبؤ المناخي و تحليل البيانات الضخمة.
و أصبحت شركات ناشئة و متوسطة الحجم توفر خدمات كانت حكراً على المؤسسات الفدرالية، ما أدى إلى خلق سوق جديدة تتنافس فيها هذه الشركات على دقة البيانات و سرعة توفيرها.
و يرى خبراء أن هذا التحول قد يعيد تشكيل مشهد علوم المناخ في الولايات المتحدة، حيث باتت الشركات الخاصة تزود المؤسسات الحكومية نفسها ببيانات كانت تنتجها سابقاً عبر مراكز الأبحاث العمومية.
و يُثار في هذا السياق جدل بشأن تأثير هيمنة القطاع الخاص على هذا المجال الحيوي، خاصة فيما يتعلق بإمكانية إرتفاع تكلفة البيانات المناخية و صعوبة حصول الباحثين المستقلين عليها دون موارد مالية كبيرة.
و في المقابل، يعتبر أنصار الإتجاه الجديد أن دخول الشركات الخاصة بقوة إلى هذا القطاع سيؤدي إلى تطوير أدوات مبتكرة و تحقيق قفزة تكنولوجية كان من الصعب بلوغها في ظل القيود البيروقراطية.
كما يُنظر إلى توسع هذه الشركات بإعتباره إستجابة طبيعية لإحتياجات السوق، خصوصاً مع تزايد الكوارث الطبيعية و إرتفاع المخاطر المرتبطة بالمناخ على القطاعات الإقتصادية الحيوية.
و مع إستمرار النقاش حول الآثار المستقبلية لهذا التحول، يبقى المشهد العلمي في الولايات المتحدة أمام مرحلة جديدة تتقاطع فيها المصالح الإقتصادية مع المتطلبات البيئية، وسط تخوفات من أن يؤدي غياب الدور الحكومي القوي إلى خلق فجوة معرفية قد تؤثر على السياسات المناخية على المدى الطويل.

