باريس تتشدد في موقفها تجاه الجزائر وسط أزمة دبلوماسية متواصلة
في خضم توتر دبلوماسي متصاعد بين باريس والجزائر، خرج وزير الخارجية الفرنسي، جان-نويل بارو، بتصريحات تؤكد عزم بلاده على الدفاع عن مصالحها، ولو تطلب الأمر اتخاذ إجراءات تقييدية ضد السلطات الجزائرية.
وقال بارو، في مقابلة مع إذاعة “فرانس إنفو” صباح اليوم الجمعة، إن “فرنسا قادرة على احتواء أي تبعات أمنية قد تترتب عن تصعيد دبلوماسي مع الجزائر”، مشددا في الوقت نفسه على أن “المصالح الفرنسية تبقى فوق كل اعتبار، حتى وإن تعلق الأمر بإجراءات غير مريحة للعلاقات الثنائية”.
تصريحات الوزير الفرنسي تأتي في وقت لا تزال فيه العلاقات بين البلدين تعيش حالة من الفتور، خاصة بعد قرار الجزائر، قبل أشهر، طرد 12 موظفا فرنسيا كانوا يعملون فوق ترابها، وهو ما وصفه بارو بأنه “تصرف قاسٍ”.
ويزيد من تعقيد المشهد الخلاف القائم حول ملف ترحيل بوعلام بنسعيد، المدان بالسجن المؤبد على خلفية تفجيرات 1995 التي هزّت قطارات الضواحي في باريس، حيث وافقت محكمة الاستئناف على الإفراج عنه شريطة ترحيله الفوري إلى الجزائر، غير أن العملية لا تزال معلقة في انتظار الترخيص القنصلي من السلطات الجزائرية.
بارو أوضح في هذا السياق أن “عودة بنسعيد إلى بلده هي مسؤولية تقع على عاتق الجزائر بموجب الاتفاقيات الثنائية”، داعيًا الجزائر إلى “التحلي بروح المسؤولية” وتسلم مواطنها، مشيرا إلى أن “المماطلة الحالية تعرقل تنفيذ قرار قضائي فرنسي واضح”.
وعلى خلفية ما تعتبره باريس “تصلبا جزائريا” في قضايا ترحيل المواطنين، أقدمت فرنسا مؤخرا على فرض قيود على تحركات بعض المسؤولين الجزائريين على أراضيها، خصوصا بعد رفض الجزائر استعادة 120 شخصًا صدر في حقهم قرار بمغادرة التراب الفرنسي، غالبيتهم من أصحاب السوابق أو المحكومين.
وفي محاولة لخفض حدة الأزمة، شدد بارو على أن وزارة الداخلية الفرنسية لا تتحمل وحدها مسؤولية التوتر الحالي، لكنه لم يُخفِ تمسك حكومته بضرورة تعاون الجزائر في ملف الترحيل، باعتباره “مسألة سيادية وأمنية تهم الدولة الفرنسية”.
يُذكر أن بوعلام بنسعيد لا يزال رهن الاحتجاز بسجن شرق فرنسا، رغم قرار الإفراج المشروط عنه، ما لم يتم التوصل إلى حل يتيح ترحيله في إطار قانوني يرضي الطرفين.
