سطات تجمع الجامعة و المقاولة : شراكة جديدة لتشكيل كفاءات في زمن التغيير

سطات تعيش اليوم محطة فارقة في علاقة الجامعة بالمقاولة، بعد أن نظّمت جامعة الحسن الأول بشراكة مع فرع الإتحاد العام لمقاولات المغرب بسطات‑برشيد لقاءً مهنيًا تحت شعار “الجامعة و المقاولة، شراكة من أجل تكوين الكفاءات في عالم متحوّل”.
هذا اللقاء جاء في توقيت ملائم جدًا، وسط تسارع في التغيرات التي يعرفها سوق العمل، و تنامي الإلحاح على توفير كفاءات مؤهلة قادرة على مجاراة التطور التكنولوجي و المعرفي.
المبادرة تمثّل جهداً نوعيًا لربط النظر الأكاديمي بالميدان الميداني، حيث تبادل الجانبان الجامعة و المقاولة الرؤى دون حواجز رسمية جامدة، محاولة لإيجاد مقاربات مشتركة تؤسس لتكوين يستجيب لحاجيات المقاولات لا سيما في القطاعات التي تعرف ديناميكية تقنية رقميّة أو إنتاجية متقدمة.
من الجامعة، جاء التأكيد على إلتزامها بتحديث العرض التكويني و تبني أنماط مرنة تجمع بين التكوين الأساسي و التكوين بالتناوب أو الدائم و المستمر، مع تعزيز البحث العلمي و التفاعل مع الابتكار.
و في جانب المقاولة، ظهرت رغبة قوية في أن تكون الشراكة ليست رمزية بل عملية : في المشاركة في التكوين، تحديد المهارات المطلوبة، و ربما مساهمة ملموسة في البنية التحتية لتدريب الطالب أو توفير فرص تدريب ميداني مباشرة داخل المقاولات.
الكلام الرسمي من عامل إقليم سطات و ممثل الجامعة و رئيس فرع الإتحاد لمقاولات المغرب أظهر أن الجميع يدرك أن المغرب لا يمكن أن يتقدم إن لم يُعطِ الأولوية لتكوين قدرات بشرية مواكبة، لأن الأوراش الكبرى المفتوحة وطنياً تتطلب أيدي عاملة ليس فقط مدربة، بل قادرة على الابتكار و التعلم المستمر.
تم تناول موضوع التغير التكنولوجي، الرقمنة، و أهمية التكوين المهني بإعتبارها أدوات مركزية في هذا المسار، خاصةً في صناعات متقدمة، اللوجستك، الفلاحة الحديثة، و كل ما يرتبط بما يُطلق عليه “مهن الغد”.
اللقاء في سطات لم يخرج بالمجرد من كلماتٍ، بل بدأ بفتح الباب أمام مقترحات ملموسة : تطوير مسالك التكوين التي تجمع بين الجامعة و المقاولة، إدماج التدريب داخل المقاولات كمكمل أساسي للتكوين النظري، تبادل الخبرة بين الأساتذة و مهنيي القطاع، و إيجاد آليات للمتابعة و التقييم لضمان أن الخريجين لا يخرجون من الجامعة بمعرفة نظرية فقط بل بمهارات قابلة للتطبيق الفوري.
من الممكن أن يُشكّل هذا اللقاء نقطة إنطلاق حقيقية لتغيير في منظومة التعليم العالي بسطات، و ربما بالمغرب عمومًا، إذا ما سار الطرفان في نفس الإتجاه.
الشباب في الجهة يراقبون بترقب، لأن التكوين الذي يؤدي مباشرة إلى الشغل هو ما يُحوّل التعليم من هدف ذاتي إلى حق حيوي، و ينقذ الجامعة من أن تصبح مجرد مكان نظري بحت.
في النهاية، هذه الشراكة بين الجامعة و المقاولة قد تكون ما يتطلبه الواقع المعاصر، لتكوين جيل لا يتلقّى المعرفة فحسب، بل يصنع الصناعة و يبتكر في الزمان و المكان.