المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ببنسليمان: نموذج للشراكة من أجل مدرسة ذات جودة
في إطار الجهود الرامية إلى تحسين جودة التعليم وتعزيز فرص النجاح الدراسي، أطلقت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم بنسليمان، بشراكة مع المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة وجمعية ولاء للتربية والتعليم، مشروعًا للدعم التربوي يستهدف تلاميذ المستويات الابتدائية في المناطق القروية وشبه الحضرية. ينسجم هذا المشروع مع أهداف خارطة الطريق 2022-2026 التي تهدف إلى بناء مدرسة ذات جودة، ويعكس التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الداعية إلى تطوير المنظومة التربوية وضمان تكافؤ الفرص بين التلاميذ.
يرتكز المشروع على تقديم دروس دعم في المواد الأساسية، خصوصًا الرياضيات واللغة الفرنسية، وفق ممارسات تربوية عالمية فضلى على مستوى الدعم التربوي. كما يشمل تنظيم أنشطة تربوية وثقافية ورياضية موازية تشمل الورشات الإبداعية والمسابقات الثقافية، الشيء الذي سيساهم في تنمية مهارات التلاميذ وتعزيز اندماجهم في الحياة المدرسية.
اعتمدت آلية تنفيذ المشروع على إشراف مفتشين تربويين متخصصين، لا يقتصر دورهم على المتابعة فقط، بل يشاركون أيضًا في لجنة القيادة لضمان الحكامة التربوية والإدارية والمالية للمبادرة. هؤلاء المفتشون يعملون إلى جانب لجنة مختلطة من الشركاء، تضم ممثلين عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمديرية الإقليمية وجمعية ولاء للتربية والتعليم، بهدف ضمان تنفيذ المشروع وفق المعايير التربوية المعتمدة، وتتبع أثره بشكل منتظم.
كما تحظى هذه المتابعة بأهمية خاصة لضمان الجودة البيداغوجية، حيث يتم تقييم أداء المنشطين والتلاميذ عبر زيارات ميدانية دورية تعقبها تقارير تفصيلية حول سير حصص الدعم. يعتمد المشروع على توزيع التلاميذ إلى أفواج صغيرة بمعدل 20 تلميذًا في كل قسم، مما يتيح تتبعًا فرديًا دقيقًا للمتعلمين، ويضمن لهم فرصًا أفضل للاستيعاب وتصفية الصعوبات وتحقيق التقدم المطلوب.
منذ انطلاق المشروع، أوفت جميع الأطراف بالتزاماتها، سواء من حيث توفير الفضاءات التعليمية والتجهيزات وأدوات الاشتغال الضرورية، أو من حيث تحديد لوائح المستفيدين وتوزيعهم وفق حاجاتهم الفعلية أو على مستوى تكوين وتتبع المنشطين. كما لم يسجل أي انسحاب من البرنامج، بل على العكس، شهد المشروع إقبالًا متزايدًا من التلاميذ وأولياء أمورهم، ما يعكس أهميته وحاجة الأسر إلى هذا النوع من المبادرات التي تسد الفجوات التعليمية وتعزز فرص النجاح المدرسي.
ونظرًا للأثر الإيجابي المتوقع لهذا المشروع، فإن توسيعه ليشمل مزيدًا من المؤسسات التعليمية والمناطق ذات الأولوية أصبح ضرورة لضمان تكافؤ الفرص بين جميع التلاميذ. إن استمرار هذا النموذج تحت إشراف مفتشين تربويين مختصين، إلى جانب إرساء آليات متابعة وتقييم فعالة، يمثل خطوة أساسية نحو تحسين النتائج والنجاح الدراسي خدمة لأهداف خارطة الطريق 2022-2026. لذلك، يبقى الرهان على توفير التغطية الشاملة والاستمرارية، مما يستدعي تعبئة المزيد من الموارد البشرية واللوجستية لضمان استدامة هذا البرنامج، بما يخدم التلاميذ ويسهم في تحسين جودة التعليم في الإقليم.

