الدكتور نجيب جيري يناقش سؤال اللغة والهوية في ضوء دستور 2011 خلال المؤتمر الدولي بالجديدة

الدكتور نجيب جيري يناقش سؤال اللغة والهوية في ضوء دستور 2011 خلال المؤتمر الدولي بالجديدة
مجلة 24

في إطار أشغال المؤتمر الدولي لسياسات تعليم اللغات، الذي احتضنته كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة يوم الأربعاء 30 أبريل 2025، قدّم الدكتور نجيب جيري، أستاذ باحث في الإدارة والمالية العامة ومنسق ماستر الإدارة الرقمية للتنمية، مداخلة علمية عميقة بعنوان: “السؤال اللغوي في ظل دستور 2011: نحو ترسيم التجاذب اللغوي بالمغرب”.

وقد تناول الدكتور جيري في مداخلته مسألة الهوية اللغوية والثقافية من منظور دستوري، مسلطًا الضوء على التحولات الكبرى التي عرفها المغرب بعد المصادقة على دستور 2011، والذي جاء في سياق إقليمي مطبوع بالحراك السياسي والاجتماعي لما يُعرف بالربيع العربي. وأكد أن هذه الوثيقة الدستورية لم تقتصر فقط على إعادة هيكلة المشهد السياسي، بل وسّعت من مجال النقاش ليشمل قضايا مركزية مثل اللغة، الهوية، والثقافة.

وأوضح الباحث أن دستور 2011 شكّل لحظة مفصلية في مسار الاعتراف بالتعدد اللغوي والثقافي، حيث نصّ صراحة على أن الهوية المغربية متعددة الروافد، مع ترسيم اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية، وهو ما اعتبره “ترسيمًا للتجاذب اللغوي في بعده المؤسساتي والدستوري”، من دون أن يغفل الإشارة إلى ضرورة تنزيل هذه المقتضيات ضمن قوانين تنظيمية واضحة، تضمن حماية هذا التعدد وتفعيله فعليًا في الإدارة والتعليم والإعلام.

وأشار الدكتور جيري إلى أن مسألة الهوية الثقافية ليست وليدة اللحظة الدستورية، بل تُعد سؤالًا تاريخيًا متجذرًا في مسار الدولة المغربية، بحكم موقعها الجيو-استراتيجي كمفترق حضاري، وما راكمته من روافد أمازيغية، عربية، إسلامية، أندلسية، عبرية وأفريقية. غير أن الحراك المجتمعي الأخير، يقول جيري، أعاد صياغة هذا النقاش وأعطاه بعدًا أكثر استعجالًا، وجعل من سؤال اللغة مكونًا أساسيًا في النقاش العمومي.

وفي ختام مداخلته، شدّد الأستاذ نجيب جيري على أن السياسات اللغوية في المغرب لا يمكن فصلها عن المشروع التنموي والديمقراطي الشامل، وأن الاعتراف بالتعدد لا يجب أن يبقى حبيس النصوص، بل ينبغي أن يُفعّل عبر إرادة سياسية واضحة، ومقاربات مندمجة تراعي البعد الهوياتي والتربوي والمؤسساتي.

وقد لقيت هذه المداخلة تفاعلًا إيجابيًا من طرف الحضور، وأثارت نقاشًا مهمًا حول رهانات التنزيل الفعلي للسياسات اللغوية، خصوصًا في علاقتها بالتعليم والعدالة المجالية والإنصاف اللغوي، ما يعكس الأهمية المتزايدة لهذا الموضوع في السياق المغربي الراهن.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *